عندما يكون نشر الثقافة هو الهدف..



من الجميل أن تطالعنا من وقت إلى آخر مبادرات ثقافية تجعل من نشر الثقافة ودعم المبدعين غاية وهدفاً لوجودها،ومن المبادرات الثقافية الجديرة التي تلفت الأنظار إليها مجلة "عود الند" الثقافية الإلكترونية التي تصدر بشكل دوري شهري، لجمعها بين أفضل مزايا النشر الورقي والإلكتروني، ولتميزها على أكثر من صعيد، لاسيما فيما يخصّ تعاملها القائم على الاحترام مع الكاتبات والكتاب، المحترفين والمبتدئين على حد سواء، ومراعاتها لضوابط جود تشمل تدقيق النصوص قبل نشرها، وعدم إعادة نشر ما هو منشور في مواقع أخرى،فالمجلة تستهدف الشابات والشبان دون تحديد فئة عمرية.ولذلك هي تنصّب نفسها منبرا للمبتدئين الذين لم ينشروا أعمالهم من قبل،وهي في الوقت نفسه تغني معلوماتهم من خلال الدروس الموجزة ومواد أخرى كتوثيق البحوث والاختبار الشهري للمعلومات العامة كما تقوم بتهيئة النصوص لنشرها خالية من الأخطاء النحوية والإملائية.
 فتوفر لهم بذلك فرصة مثالية لنشر إنتاجهم من القصص القصيرة والانطباعات والخواطر والنقد الأدبي وعرض الكتب.وقد كتب في عود النّد كتاب وكاتبات محترفون لهم أعمال منشورة، من بينهم روائيون وروائيات،وبأسمائهم الحقيقية مجردة من أي ألقاب مهنية أو أكاديمية أو غير ذلك، مع الإشارة إلى البلد الذي ينتمي إليه المؤلف أو الذي يقيم فيه،ثم تعدّ عود النّد خبرا صحفيا توزّعه على الصحف العربية، ويشمل دائما قائمة بأسماء المشاركين في العدد، الأمر الذي يعني انتشارا أوسع للأسماء لا سيما أنّ أعداد عود النّد حظيتْ بتغطية إخبارية في كثير من الصّحف العربية والأجنبية.
 وقد صدر العدد الأول من عود النّد في مطلع شهر حزيران/يونيو 2006 بعد فترة من التحضيرات لصدور العدد الأول شملت اعتماد تصميم صفحات المجلة، ولأنّها لم تعتمد قالبا جاهزا، فإنّ المجلة تظهر في حلة جديدة في كلّ عدد يبدأ إذا تبدأ بغلاف جديد ،هو منذ العدد الخامس لوحة لفنان تشكيلي أو فنانة. ويشرف على اختيار الأعمال الفنان الفلسطيني يوسف كتلو.
 وصدور المجلة جاء بمبادرة من الإعلامي والأديب عدلي الهواري بعد سنوات عديدة قضاها في الاعلام، فوظف من أجلها خبرته المهنية الرفيعة لتخرج المجلة على خير صيغة ،الأمر الذي تكلّل أخيرا بسابقة مميزة، إذ حصلت المجلة بتاريخ 29 تشرين الثاني 2007 على رقم دوريات دولي حصلت عليه من المكتبة البريطانية، وهو ISSN 1756-4212. لتجعلنا أمام مبادرة جعلت الثقافة الراقية في متناول الجميع، فلا الكاتب بحاجة إلى واسطة للنشر، ولا القارئ مضطر للتسجيل في الموقع أو للعضوية فيه ليقرأ في المجلة أو ليعلّق على موادها،فجميع صفحات عود الند مفتوحة للقراء،بل إنّ المجلة لا تفتح لك نوافذ تطلب منك جعلها الصفحة المفضلة،وهي كذلك تسمح للقرّاء بالتعليق على النصوص بترك تعليقات لاطلاع القراء الآخرين عليها، يمكن للكاتب الرد على التعليق باستخدام الخاصية ذاتها.
ومن الجميل أن تختطّ المبادرات الثقافية منهجا لها، وتلتزم به، وهذا ما نراه في مجلة عود الند، فهي تلزم بعدم نشر الشعر سواء أكان في صيغه القديمة أم الحديثة، باللغة الفصحى أم العامية،كذلك تلتزم بعدم نشر المواضيع السياسية والدينية،والنشر فيها محكوم بضوابط جودة.
وتقدّم مجلة عود الندّ مثالا جميلا لاحترام المبدع وللتواصل معه،فهي تردّ على كلّ الرسائل التي تردها، و تمكن القراء من التواصل مع الكاتبات والكتاب من خلال نموذج لمراسلة كل كاتب أو كاتبة مباشرة،وترسل للقراء رسالة واحدة في الشهر، يوم صدور عدد جديد. وهي كذلك تمكّن القارئ من طباعة النّص بدون صور وهوامش، فلا تستهلك الكثير من الحبر. وتسهّل التواصل مع الكاتبات والكتاب من خلال نموذج لمراسلة كل كاتب أو كاتبة مباشرة.
 والمجلة على الرغم من كلّ هذه الخدمات التي تقدّمها للثقافة هي مجلة بهود فردية، وبتمويل فردي من السيد عدلي هواري، ولذلك فهي مجلة ليست ربحية بأيّ شكل من الأشكال، ومن هذه الفلسفة غير الربحية لا المجلة أيّ نوع من الإعلانات.
 ولعلّ هذه التجربة الإلكترونية الثقافية تضرب مثالا يعتدُ به المشهد الثقافي العربي لاسيما الإلكتروني منه، وتشجّع الغيورين على الثقافة واللغة العربية على تقديم أفكارهم ومبادراتهم في سبيل الأفضل والأكثر تميّزا.

* قاصة وكاتبة أردنية- عمان

د. سناء شعلان
السبت 9/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع