النص الجميل في شقائق الأسيل لراوية بربارة



أوّلُ ما واجهني من إشكال في قراءتي لشقائق الأسيل هذا العنوان الإشكالي للكتاب! ثم الإهداءُ والشكرُ الذي تخصّ به زوجَها! وبعد ذلك مجملُ النصوص التي تضمّها دفّتا الكتاب! وأيّ تعريف أعطي لهذه النصوص؟ والتسميات عديدة ومتنوعة، وفي اختيار أيّ منها يدخلني في حالة من التردّد والقلق وعدم القبول والرغبة في استئناف البحث والتّنقيب والمراجعة.
فالعنوان، كما اتفق الكثيرون، "فكرةٌ مختزلةٌ تسمح بخَلق تصوّر عام عن أفكار وممارسات منسجمةٍ ومنظمة، ضمن إطار شامل من الرؤية المعرفية والجماليّة. وهو منجزٌ لغويّ له مفرداتُه وتراكيبُه وهو يُفضي إلى غيره. فالعنوان لغةٌ ذاتُ دلالات ومصطلحات، والكاتبُ ينطلق من رؤية معينة في صياغة عنوانه ورسم ملامحه التي تُضفي عليه صفةَ من التوافق مع النص".
ولو توقفنا عند عنوان المجموعة "شقائق الأسيل" لَلمسنا هذا التداخلَ الجميلَ ما بين الشاعرية والأنثوية، الشاعريةِ في ما يشعره القارئ من شِحنة ابداعية تشدّه وتُغريه للتجاوب والتفاعل بأحاسيسه ومشاعره مع ما يبثّه العنوانُ من دلالات وإيحاءات، والأنثوية في هذه الإشارات إلى النعومة والاتساق والخدّ الجميل والمرأة بكل ما تمثله من جمال ودفء وحَيويّة.
وإذا ما انتقلتُ إلى الإهداءات العديدة وبالتحديد كلماتها إلى زوجها منير لَشدتنا بعضُ المعاني المتخفيّة داخل الكاتبة "وإلى منير الذي لولا عشقُه لانعتاق الروح لما خرجت الكلمات جريئة".
والإهداء، كما عُرّف، "عتَبة نصيّة لا تنفصل دلالتُها عن دلالة العنوان، فهي عبارة عن إشارات دلالية ذات خاصيّة موازية لخاصيّة العنوان أو النص". والعنوان كما يعتبره عبد الفتاح الحجمري: "أحد المداخل الأوّلية لكل قراءة ممكنة للنص". وإهداء راوية لمنير زوجِها يوحي بالتواصل والألفة وفيه شاعرية وحميميّة تتواصل مع العنوان ومع الكثير من نصوص المجموعة ذات الطابع الرومانسي. ولكن فيه أيضا هذا الشعور بالرغبة في تحييده عن التّدخل في مَضامين نصوصها وسؤاله لها عن كل كلمة او حدَث إو إشارة أو دلالة تُثيره ويريد التفسيرَ لها. فهي من البداية تُعطيه هذه المكانة الأولى في حياتها فهو "العاشق لانعتاق الروح"، وطالما أنها أطّرَته ضمنَ هذا الوصف، فمن الطبيعي أن لا يعترضَ على الكلمات والعبارات، ولا يتساءل عمّا وراءها، فهو "عاشقُ انعتاق الروح"، والروح حلّقت ولا حدودَ لتحليقها. لكن في هذا الإهداء وقولها "لمَا خرجت الكلماتُ جريئة" اعتراف من الكاتبة أنّها لن تستطيع تجاوزَ المحظورِ والمسموح به أمام سطوة الرجل القيّم عليها. فإذا سمح انطلقت ، وإذا اعترض توارت داخلَ نفسها ومحَت كلماتها وآثرت الصمتَ الثقيل وانتظارَ فرصة انطلاق ثانية.
وإشكالية أخرى في مجموعة راوية هي هذه النصوص التي امتنعت الكاتبة عن تعريفها وتركت ذلك إلى البروفيسور جورج قنازع الذي وصفها بمجموعة قصصية، ومثله فعل الشاعر تركي عامر وغيرُهما ممّن تناولوا المجموعة بالنقد والتحليل.
صحيح أنّ الأطر تمزّقت والتعريفاتِ التصنيفيّة تراجعَت، وتداخلاتِ النصوص أصبحت الطاغيةَ على الابداعات الحديثة، فلا تحديدَ للقصيدة ولا تعريفَ للقصة ولا حدودَ للرواية فكلها أصبحت في شكل كولاج لا نهاية له يختار القارئ منه ما يشاء وما يجدُ وله أن يحكم وأن يُقيّم. وأصبحت الفوضى شاملة، وكل كاتب له حريّةُ تصنيفِ عمله، وليس لي أنا المتلقي إلاّ أن أسايرَه وأقبلَ تصنيفَه وأتعاملَ مع نصّه في حدود تَعريفه هو للنص.
اختلف النقاد في تعريف مصطلح النص، وتداخلَ عند البعض مع مصطلح الخطاب. ودلالةُ النص في تراثنا النحوي كما يرى البعض ارتبطت بالحَدث والفعل ودلّ على شكل محدّد من أشكال الكلام لا الكلام كلّه. وقد عرّف أدام الفرنسي في كتابه عن مبادئ اللسانيات النصيّة : النص بقوله: " النص منتوجٌ مترابطٌ ومتّسقٌ ومنسجم، وليس رصفا اعتباطيّا للكلمات والجمل وأشباه الجمل والأعمال اللغويّة".
والنص بتعريف آخر: مدوّنةٌ مكتوبةٌ. تُنتجه الكتابةُ ويُقرأ في زمان ومكان، ويتوجّه إلى مُتلقّ غائب يتلقاه عن طريق القراءة.. على عكس الخطاب الذي تُنتجه اللغةُ الشفويّة، ولا يتجاوز سامعَه إلى غيره، وهو نشاط تواصلي يتأسّس أوّلا على اللغة المنطوقة، ويفترضُ وجودَ السامع الذي يتلقى الخطاب.
وفك القارئ لرموز النص يحتاج إلى كفاءات على مستوى عال من التدريب حدّدها رولاند بارت بالتالي: معرفةُ نصوص أخرى ووعي مسبقٌ وثقافةٌ وتاريخ ومعرفة فطرية.
ولأنّ كل نص كما يرى هانز روبرت ياوس 1960 Hans Robert Jauss هو نتاج العصر والمجتمع اللذين عايشهما صاحبُ النص فلا يكون إذا للنص معنى مُطلق بل إنّ هذا المعنى يتغيّرُ حسبَ اللحظات التاريخية لتَلقّيه، فلكل حضارة أفقُ توقّع يشمل مجموعةَ المفاهيم التي تُسهم في تَشكيل المعنى المحدّد لها، وهذه المفاهيمُ تبقى سائدة حتى يطرأ ما يغيّرُها.
ويقول جان بول سارتر Sartere 1986 :" إنّ القارئ حين يفتح كتابا ما فهو يضع نفسَه على قمّة الصمت." وهذا صحيح لأننا بقراءتنا نُصغي لصوت المؤلف الذي ينقلنا بموافقتنا إلى عالم خيالي متكامل له مصداقيّةُ الواقع. وهذا الإصغاءُ للصمت هو الأساسُ في إمكانية الانتقال. نحن نصغي بذاكرتنا لا بآذاننا. أي بعقولنا وهنا يكمُن سحرُ القراءة التي تأسرُنا في نطاق الصمت.
والآن لندخلَ إلى المواضيع التي عالجتها الكاتبة في نصوصها المختلفة:
× المرأة الأنثى والعاشقة والحبيبة والأم والزوجة والأخت في مشاهد مختلفة تبدو المرأة في معظمها خاضعةً للمجتمع ومَفاهيمه، تسعى للتحرّر والخروج لمواجهة الحياة. وتثق من كونها القادرةَ على تحريك العالم بيسراها، فكم بالحريّ إذا استعملت يمناها أيضا.
× الرجل في كل أدواره وعلاقاتِه مع أفراد أسرته والمرأةِ والسلطة، وفي مواجهته لنفسه .
× الاحتلال وما يجلبه من مآس ودمار للأرض التي يحتلها وللناس الذين يقهرهُم ويحرمهم ويَسيمُهم العذاب.
× العلاقات العربية اليهودية وما يسودها من شوائبَ من الصعب التغلّبُ عليها وتجاوزُها.
ما ينتبه إليه القارئ أنّ المواضيع المطروحة في معظم النصوص لم تنطلق بعفويّة وفنيّة وتدرّج تفرضه تداعيات الأحداث وإنّما تأتي جاهزة وتُطرح دون أن تُقنع بجاهزيّة صاحبها واقتناعه بما يقول. فالفتاة صاحبة الشفّاف الأبيض لم تقنعنا بأنها بالفعل قد تكون كل الشخصيّات النسائيّة التي حاولت تقمّصها، وإنما كانت مجرّد ناطقة بلسان الراوية التي قصدت أن تؤكد للقارئ قدرات المرأة المتشعبة وإمكانيّاتها التي لا حدود لها. صحيح أنها ذكّرتنا بكل النساء العظيمات التي كان لهن دورهنّ العظيم على مختلف الصعد، ولكنّ الفتاة صاحبة الشفّاف الأبيض فشلت أن تتقمّص أيّا منهن وظلت في إطار المرسال الخجول الخائب.
وقد كرّرت الكاتبة المشهد ذاته مع الرجل في تقديمه بصور مختلفة قد يكونها في (جرعة بكاء) فيكون ساكن قصر الرشيد ورفيق عبد الله بن الزبير ونيوتن والرجل العربي الذي يغزو الغرب ويتمرغ على أجساد نسائه لينتقم من الذين استعمروا وطنه وسرقوا ثرواته فينتقم بذلك لكرامته المهانة وغيرها وغيرها. وهنا أيضا تتغير الصور والمشاهد بشكل لا يثير التعاطف ولا يقنع المتابع.
 ولم تُوفّق في رغبتها بالتأكيد على أحقيّة العربي بأرضه ووطنه وغربة اليهودي بتكرارها لقصة قبر الوالد الذي رغب اليهود في مصادرته وجعله مَزارا يهوديّا، فمثل هذه القصة طرحها الكثيرون في قصصهم أو في مقالاتهم الصحفية. وهذا ينطبق على نص (عود على بدء) ورغبتها في التأكيد على عروبة القدس. وهناك نص (شال واحتمال) يمكن أن نقبل به قصة لولا أن الفكرة وقالَب النص كله يعتمدان على قصيدة (هي في المساء / ص 105 لا تعتذر عمّا فعلت" لمحمود درويش.
لكن هناك نصوص جميلة، ومنها ترتقي لتكون قصّة ناجحة متكاملة بفنيتها وجماليتها وتنامي أحداثها مثل: (سرّ المغارة وستر الحسناء، شذا حبر وغلاف كتاب، حتى يبرعم الأخضر، الخريدة وحبل الأنوثة، قلادة الياسمين)
ولننتقل إلى خصائص النص السردي في شقائق الأسيل:
يقف القارئ على ظاهرة بارزة في النصوص وهي أنّ الكاتبة تقدّم نصوصَها بضمير الغائب، فهي الراويةُ وهي المتحدثة نيابة عن الآخرين بلغتها هي ولا دور لأيّ من الشخصيات، شخصياتُ نصوصِها محكومةٌ بخيوط قوية من قبَل الراوية، وفقط في ثلاثة نصوص تنتقل الراوية لتتحدث بضمير المتكلم. وفي نص واحد تتكلم بضمير المخاطب (جرعة بكاء ص25).
التناص حيث نقف على العديد من الاقتباسات المأخوذةِ من التراث القديم والحديث شعرا ونثرا، ومن غير العربي ، أحيانا تشير إلى القائل وأحيانا تعتمد على معرفة القارئ. تتداخل الاقتباسات بين الجمل مثل "فألقى بحقيبته المدرسية ، تأبّطها، فتأبط شرّا" و " لكنه لم يعش معها تجربة قيس ولم يغر من الوحش كلما رأى أليفين منها لا يرعهما الذعر"(ص21). و " والعودة بالزمن للوراء ليُصلحَ العطارُ ما قد أفسد الدهر الغشوم".(ص23). و "حاصر حصارَك لا مفرّ " و " وقام من قبره لأنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه له" (ص 24). وهذه التداخلات النصيّة تثقل على القارئ العادي.
وخلقُ التداعياتِ في ذكر بعض الأسماء مثل جان دارك ورابعة العدوية وكليوباترا وجوزفين والزبّاء. وصخرة سيزيف. وطارق بن زياد.
قلّة الحوار، والموجودُ منه يأتي بلغة الراوية فلا حرية للشخصية في اختيار لغتها ومفرداتها وأفكارها.
الاهتمام بذكر الألوان: الحصان الأبيض، الشفّاف الأبيض، خصلات سوداء (ص38) سُمرة رضا (ص46) شالها الأبيض (75ص) الأزهار البيض، امتلأت حياتها بالسواد (ص113).
 والروائح: رائحة الأوطان، روائح بخور، ملأن العيادة بالعطر والسم وروائح البخور والجسد. بروائح الدم والعرق (ص18)، تشم روائح انفعالاته (ص81) روائح الأكل (ص93).
 ونظراتُ العيون المختلفة بدلالاتها وإيحاءاتها. استغرقتها نظرةٌ لتفقة سرّ الأشعة . عيونه مشغولة محدّقة (ص73) عينان فيهما صخب الحياة (ص75).
التشبيه على اختلافه. والاستعارات المتنوعة.
وتبقى الخاصيّة الأهم وهي اللغة المتميّزة الرّاقية التي كتبت بها راوية نصوصَها المختلفة. هذه اللغة التي تستعملها بطريقتها الخاصة التي تشتبك فيها المفرداتُ بشكل مُغاير للمألوف كما قال البروفيسور جورج قنازع في تقديمه للمجموعة: "لغةٌ تتداخلُ فيها الأفعال بأزمنتها المختلفة"، فتأخذك في رحلة متشعبةِ الاتجاهات تسحرك إيقاعاتُ مفرداتها وتنبهك نهاياتُ فقراتها المستقلة إلى رحلة جديدة مع مفردات أخرى. جملٌ فعليةٌ وأخرى إسمية منها القصيرةُ ومنها الطويلةُ المتداخلةُ المتشابكةُ، تبدأها أحيانا بكلماتٍ إيحائية مشحونةٍ بالدلالات: "ذات قيظ"(ص32) ذات عُريّ (ص115)، منذ تعرّف عليها أبكته فأحيته.و انتشله السمّ من الفراغ (ص25)، هناك في الظل تقوقع على نفسه (ص45)، جسدُها يتنكّرُ لنفسه (93)، تَغنّجٌ بجسدِها الأبيض الغضّ (ص94) أنا بلا جياد وبلا أحلام (ص169)، يئزّ صهيلُ أحلامي من نقاط نبيذيّة تقطرُ في عينيّ (ص169).
 وأحيانا تُكثرُ من استعمال لو التمني: لو أنني بقيتُ طفلا. ماذا لو كنت نبيّا؟ (ص57). وأحيانا تبدأها بـ أيا فجرا يختالُ فوق بقايا ظلام (ص65) يا لها من طريق اختار لها أن تسيرَ فيها لتصل إليه (ص70)، والتعجب: ما أصعبَ أن تغربلَ مشاعرَك (ص74).
وتكثر من التساؤل: لماذا تتعبُ أفكارَها؟ مَن هذا الذي اقتحم الآن غفلتَها الوجوديّة؟ (ص75)، هل انطفأت حقّا جذوةُ حبّه الأول؟ (ص83).
وتتفننُ راوية بربارة في استحضار المفردات وتوزيعها في جُمل قويّةِ المبنى وبعيدةِ الدلالات، تُزينُها باقتباساتٍ تراثية تُسارع في استحضار الصورةِ والمشهدِ فتبهرُ المتلقي وتشدّه وتغريه فيتابعُ ويتابع ولكن سرعانَ ما يُصيبه الإعياءُ فيتوقف ليلتقطَ أنفاسَه ويلملمَ ذاتَه المشوشةَ وأفكارَه المشتتةَ ليبدأ رحلتَه من جديد.
لغةُ راوية الرائقة الجميلة القوية، وبناءُ جملها القوية التركيب والبناء تفتقرُ لخاصيّة مهمةٍ هي سرّ انجذاب المتلقي إليها . فكلماتها المنتقاةُ الجميلةُ، وجملُها القويةُ المتميّزة تفتقدُ لهذا الإيقاع الانسيابي الموصلِ ما بين الجملة والجملة وما بين العبارة والعبارة. فيجد القارئ نفسَه يلهثُ وراء الكلمات والجمل ولكنه يفتقدُ الايقاعَ الداخليّ الساحرَ المتميّز.
عندما قرأت ثلاثيةَ أحلام مستغانمي كتبت: إذا كانت غادة السمان قد استطاعت في كتاباتها أن تتحدّى الرجلَ في تعاملها مع اللغة بجملها المصقولة ومنولوجياتها الشعريةِ الآسرةِ، وعملية التوتر والاسترخاء في اللغة مع الإثارة الأخّاذة، فإنّ أحلامَ مستغانمي سحبت "التابو" على اللغة نهائيا من الرجل، وعَرّته وكشفت ضعفَه أمام امكانياتِ اللغة التي لا حدودَ لها، أحلام مستغانمي فجّرت مفرداتِ اللغة وكسرت تركيباتِ جملها ، وكتبت لغةً تكادُ لا تجد لها الوصفَ الملائم. لغةً تأخذ قارئها في رحلة خاصة لا يعرفُ كيف العودة منها ، ولا يفكر بذلك حتى إذا ما وصل إلى الكلمة الأخيرة من الرواية يُصابُ بحالة من الذهول لا يخرج منها إلاّ وهو على غير ما كان سابقا.
وأراني أسأل نفسي:
هل أستطيع أن اقولَ الكلماتِ نفسَها عن لغة وتركيبات وعبارات راوية بربارة في شقائق الأسيل؟
لأكون صادقا : الجواب كلا .
فراوية كتبت النصّ الجميل الذي يفتقدُ للهويّة المميّزة حتى الآن، وعرفت كيف تختارُ المفردةَ وتبني الجملةَ ولكنها قصّرت في امتلاك هذا السرّ الغامض في اللغة، سرّ الانسياب الإيقاعي المتواصل الذي يجعلك تواصلُ رحلتَك مع الكلمة والجملة والعبارة براحة وسعادة وفرحٍ ورغبة دائمةٍ في متابعة المشوار.
راوية لا تزال تُتعبنا في قراءة ما تكتبُ وتجعلنا نطلبُ الراحةَ لاستئناف الرحلة. راوية ملكت المفردةَ وعرَفَت سرّ بناء الجملة . ولكنها الفنانةُ التي تنحتُ في الصخر .. وحتى تصل إلى كونها المبدعة التي تغرف من بحر أقول لها : مبروك وليدُك الأول .. هذا الجميلُ المبشر بالآتي الأجمل. كلي ثقة أنك قادرةٌ على العطاء المتميّز.
لا تقولي وصلتُ وحققتُ ونلتُ الأوسمة وشهادات العارفين.
فحتى تصلي إلى ما يجبُ أن تصلي، أمامك الدربُ الطويلُ والمشاقّ الأصعبُ. وحتى لو كثُرَت الشهادات وتوالت المدائحُ والمجاملاتُ، وكثُر التهليلُ والتكريمُ فأنت وحدك القادرةُ على تقييم ما قمتِ به.. فإذا شعرت بالإكتفاء، فويل لك ولنا ولحالتنا الثقافية.
 وإذا اقتنعتِ وقلتِ صادقةً: ما بيني وبين ما أريدُ الطريقُ الصعبُ الجبلي الطويلُ تكونين المبدعةَ وتكونين المتميّزةَ وتكونين التي أنتظرُ عطاءَها القادم َ.

د. نبيه القاسم
السبت 9/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع