جدران الغيتو!



خرج وزير "الأمن" إيهود براك، أمس، بإعلانٍ عن اقامة مزيد من الجدران على الحدود مع مصر، بغية السيطرة على حالة الحصار الوحشية التي يفرضها جيشه على القطاع. في الوقت نفسه، بدأ مسؤولون عسكريون يحضّرن الأرضية لاستكمال بناء جدار الضم التوسّعي جنوب الخليل، رابطين ذلك بالعملية التفجيرية في ديمونا، مطلع الأسبوع، والزعم بأن المنفذين جاءوا من جنوب الضفة.
منذ سنوات والمؤسسة الاسرائيلية تهرب من مواجهة الواقع، عبر حجبه بالجدران والأسيجة والمنشآت الفاصلة. بدلا من محاولة الاقتراب من أصل الداء ومعالجته، أي احتلالها الاجرامي وتبعاته البشعة، تختار اسرائيل الرسمية احاطة نفسها بمزيد من الباطون والحديد. وبماذا يمكن تسمية هذا السلوك سوى الجُبن؛ السياسي منه والأخلاقي.
في الواقع، إن هذه الجدران والعقلية التي تنطلق منها، تعمل في اتجاهين. من جهة تزيد من شدة وطأة جريمة الحرب المتصاعدة منذ 40 عامًا من الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني؛ ومن جهة أخرى تحجب عن الجمهور في اسرائيل حقيقة ما يحدث كي يظلوا فريسة سهلة لتضليل أصحاب المصالح الكولونيالية من "أقوياء اسرائيل". لكن كل الجدران، وليبلغ ارتفاعها السماء، لن تغيّر من حقيقة أن هناك احتلالا يجب أن يزول ويسقط، وطالما استمرّ ستتواصل بالضرورة جميع أشكال الانفجارات، لأنها النتيجة المترتبة عليه.
إن جهاز الجدران البغيض لم، ولا ولن يوفّر حلولا للواقع السياسي القاتم المخيِّم. بل هو يمثّل مرحلة جديدة من الهرب الاسرائيلي الرسمي الى الأمام. ولكن، مثلما لم تُجدِ جميع "الحلول" الاسرائيلية العرجاء السابقة، فلن تنفع هذي الجدران في شيء.
إن الحل الوحيد الممكن هو إنهاء سياسة، واقع وعقلية الاحتلال، واحترام جميع حقوق الشعب العربي الفلسطيني الشرعية المكفولة دوليًا وإنسانيًا.
أما إدخال الجمهور الاسرائيلي الى وضعية من الغيتو المُحكَم فإنه، إضافة الى كونه سراب عابر، يثير مختلف التداعيات بشأن ما اقترفته الصهيونية ولا تزال تقترفه بحق الشعب اليهودي أيضًا.

(الاتحاد)

الخميس 7/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع