ربط (حماس) اقتصاد القطاع المحتلّ بمصر خطـوة خطـيـرة الإسـقـاطــات



تتقدّم نحو مركز الجدل الفلسطيني، في هذه الأثناء، قضية خلافية داخلية جديدة. وإن كانت تعتبر حلقة إضافية في الانقسام القائم، والمتصاعد للأسف، فإنها قد  تحمل هذه المرة إسقاطات خطيرة.
المقصود هو مساعي "حماس" لربط اقتصاد القطاع المحتلّ بمصر. للوهلة الأولى يبدو الأمر معقولا، خصوصًا وأنه يأتي تحت يافطة "فك الاقتصاد عن إسرائيل". لكنّ من شأن القليل من التمعّن أن يضعنا أمام تتمة الصورة: فربط اقتصاد القطاع بمصر لا يعني فكّه عن اسرائيل فقط، بل يعني فصل اقتصاد القطاع عن اقتصاد الضفة الغربية. وهنا، لا يعني الأمر سوى الانحدار أكثر في مسار تفكيك وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
بعيدًا عن لهجة التشكيك في النوايا، من واجبنا التذكير بما يلي:
في أكتوبر 2004، في أوج العدوان الاسرائيلي المفتوح على القضية الفلسطينية، تسرّب أن قيادة الجيش الاسرائيلي "لم تعد مقتنعة بأن حل الدولتين، اسرائيل وفلسطين، واقعي".  أما "الحل الواقعي" حسب مفاهيم إسرائيل العسكرية (والسياسية بالتالي، لأن السياسة في اسرائيل عسكريةُ المفاهيم)، فهو ما يلي: مصر تأخذ قطاع غزة، والأردن "تستعيد" الضفة الغربية، أما اسرائيل فتنجز "معاهدات ثابتة مع دول مسؤولة" مقابل التنازل عن "معظم" الاراضي الفلسطينية  1967.
 ولنضع هذا التخطيط الخطير في سياقه: فقد جرى إقصاء الشعب الفلسطيني من الحالة السياسية الدولية لسنين طويلة. لم يجرِ الاعتراف الرسمي به، اسرائيليًا، إلا مع اتفاقيات اوسلو. بعدها تنكّرت حكومات اسرائيل لحقوق الشعب العربي الفلسطيني وحاولت طمسها، فواجهت مقاومة سياسية قامت فورًا بالردّ عليها بعدوانها المفتوح في أيلول 2000. وبالرغم من كل جرائم الحرب التي اقترفتها، لم يتنازل الشعب الفلسطيني عن حقوقه المشروعة، وهكذا قرّرت المؤسسة العسكرية محاولة العودة الى "اتفاق الهدنة عام 49"، وتفكيك وحدة أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة وتقسيمها بين مصر والأردن.
مرّة أخرى، لا يورَد هذا التذكير بغية التشكيك بأيّ طرف عربي. بل إنه يأتي كتحذير من عواقب بعض الخطوات غير المحسوبة. فتفكيك وحدة الاقتصاد الفلسطيني، حتى لو كان تحت الإحتلال، سيخدم من حيث لا يقصد مقترحوه ذلك الهدف الاسرائيلي المُحتمل. ولا نحتاج لكثير من الكلام حتى نصف مدى الخطورة في هذا.
أما الأمر الأكيد، فهو أن حالة الانقسام الفلسطيني هي ما يتيح ظهور اقتراحات فلسطينية كهذه. فلشدّة عُمق الشرخ، يفكّر كل "طرف" في حدوده مصلحته الضيّقة، وليس من داخل فضاء الحق الفلسطيني الواحد. حق الشعب أولا.
وإننا ندعو للمرة الألف، الى العودة عن حالة الانقسام، والاحتكام الى وحدة القضية والشعب والأرض. فهذا هو السبيل الوحيد لصدّ مختلف التطوّرات الخطيرة، التي قد تصبّ في نهاية المطاف، عن غير قصد، في خدمة المخططات الكولونيالية الاسرائيلية، وتعفي اسرائيل من مسؤوليتها كقوّة محتلة عن القطاع الآن، وربما عن الضفة غدًا.
فحذار ثم حذار من الوقوع في هذا الفخّ.

(الاتحاد)

الأحد 3/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع