هي جبّارة، انها فريال خشيبون

كانت امسية رائعة، حين قررت الذهاب لحضور العمل الغنائي الراقص "على بالي" على خشبة مسرح الأوديتوريوم في حيفا.

كان يوم 30/11 مساءً، حيث غصت القاعة بحضور جاوز الالف شخص، وفتح الستار، وخُطفت الأبصار للحظات طويلة، بل قل لدقائق، بإضاءة تغطي مسرحًا ضخمًا يرتكز في وسطه راقصو فرقة سلمى يتمايلون بطريقة ساحرة، ومن وراء الستائر الممتدة بشكل عمودي ترافقهم اصوات لزقزقة العصافير وصيحة الديك ايذانًا ببدء فجر جديد لفن طالما عشنا على ذكراه.
وتحديدًا في هذه اللحظة الساحرية انساب خيالي ووجدتني اغوص في بحر من الفنون الجميلة، التي افتقدناها منذ زمن بعيد.سأبدأ حديثي عن تسلسل الاغاني والألحان، هذه اللآلئ المؤرشفة في ذاكرتنا لكبار عمالقة الغناء العربي عبد الوهاب، ام كلثوم وفريد..
انه توزيع موسيقي شرقي يدغدغ الاحاسيس والمشاعر. ما هذه الحركات التعبيرية المتناغمة والمنسجمة لكل نغمة أسمعها! من راقصي وراقصات هذه الفرقة (فرقة سلمى). انتقال حاد بين كل هذه الفنون بطريقة تقنية هائلة بين الموسيقى والإضاءة والديكور، والرقص التعبيري (المطعّم) بفنون الرقص العالمي الباليه.. وغيره، شيء يذهل العقل ولا يمكن تصديقه.

وجاءت اللحظات الاخيرة ومرّ الوقت في لمح البصر، حيث ظهر مطربو الفرقة - عصام قادري، سلمي خشيبون، وميساء خشيبون الموهبة الجديدة الواعدة - لينهوا عملا ضخمًا عملاقًا حضاريًا فنيًا، بأغنية الفن لموسيقار الاجيال عبد الوهاب. ولم يستطع الجمهور تمالك اعصابه حيث وقف بشكل عفوي ليصفق تصفيقًا مدويًا في القاعة مشدودًا ومذهولا لكل ما سمعه ورآه.

عندما قام عريف الحفل الاستاذ صالح عباسي مقدمًا اسماء راقصي وراقصات فرقة "سلمى"، وعاملي الاضاءة والديكور، ومنتج العمل الاستاذ حبيب خشيبون، واخيرًا دعا الى المسرح رائدة وصاحبة ومخرجة هذا العمل الفني الفنانة فريال خشيبون مديرة معهد "سلمى" للفنون، ومدربة فرقة "سلمى"، ومصممة رقصات وأزياء ومخرجة هذا العمل الفني الضخم.

انه عمل فني مشرّف، انها فخر لكل سيدة عربية في هذه البلاد بأن تكون وراء هذه المعجزة الفنية، فنانة تستحق الانحناء.انها جندية مجهولة، تصل الليل بالنهار وتعمل من دون كلل وبصبر اخاذ وعزيمة جبّارة، لتنتج للأجيال الحاضرة والقادمة تحفة فنية تستحق الكثير الكثير من الاحترام والدعم المادي والمعنوي، وهنا اقولها بصوت عال الى كل المؤسسات والجهات الرسمية ومديريها، والى رجال الاعمال العرب الى الواعين، المثقفين، الى كل محبي الفن في هذه البلاد، هلموا تعالوا، شاهدوا العروض القادمة لـ "على بالي" وادعموا بحضوركم ماديًا ومعنويًا هذه الفرقة وهذه العملاقة الكبيرة، عندها سترددون على ألسنتكم:
هي جبّارة، هي جبّارة، انها فريال خشيبون

(نحف)
بقلم: طارق عبد الغني
السبت 13/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع