"فينوغراد" - الفصل الناقص



*طالما لم يُدرك المجتمع الإسرائيلي ما سلف، سيظلّ ينصّب على العرش حكّامًا يقودونه الى مهاوي الرّدى*

أنهت لجنة فينوغراد للتحقيق في عدوان اسرائيل على لبنان (تموز 2006) أعمالها، أمس، بإصدار تقريرها النهائي. وعلى الرغم من توقّعات أجزاءٍ واسعة في حيّز "الإجماع القومي" الاسرائيلي بأن الأمر سيشكّل عاصفة، فقد تبيّن أنه لا يزيد عن زوبعة متواضعة الحجم. وتجلّى هذا خصوصًا في تعبير رئيس الحكومة عن "ارتياحه" من التقرير.
لكننا ننظر الى التقرير، الى اللجنة والى الحدث الذي قامت على خلفيّته – تلك الحرب الاسرائيلية العدوانية – من زاوية مختلفة تمامًا. وإذا كان سياسيو وإعلاميو المؤسسة متمحورين في ردّ "الكبرياء العسكري" و "الفخر القومي" وضمان نجاحات مستقبلية لحروب إسرائيل، فإن بصرنا وبصيرتنا يتوجهان في الاتجاه المعاكس. ليس بمعنى الدخول في البورصات الحربجية القاتلة، بل التشبّث القويّ بالموقف الرافض للحروب والاعتداءات.
من هنا، فإن مسائل مثل "فحص عملية اتخاذ القرارات" والتوصيات بالسلوك بهذا الشكل وليس ذاك، و"تحسين التنسيق" وما شابه، ستظلّ مسائل عديمة قيمة طالما لم يتغيّر النهج الأساس؛ طالما لم تنتقل مؤسسة هذه الدولة من طريق الحرب والعدوان الى درب  السلام العادل، سلام الشعوب بحق الشعوب.
يجب الانتباه الى أن اللجنة جاءت لفحص سبب عدم انتصار اسرائيل في الحرب فقط. وهكذا غيّبت القضية الجوهرية، تلك الكامنة في أن سياسة الحرب هي الكارثة وهي ما يستحق التحقيق فيه ومحاكمة المسؤولين عنه، وما أكثرهم في هذه المؤسسة الملوّثة بالعنجهيّات.. لهذا فإن هناك فصلا ناقصًا في تقرير "فينوغراد". وهو فصل يجب أن يُقال فيه:
* إن اعتماد تكتيكات واستراتيجيّات الاستقواء والبطش والتصرّف تجاه شعوب المنطقة بصلافة وغرور، وسط مواصلة خدمة المصالح الإمبريالية بقيادة واشنطن، هو الفشل الحقيقي.
* إن وضع دولة بأكملها رهينة بأيدي الجيش وجنرالاته مزكومي الأنوف غرورًا، هو الفشل الحقيقي.
*  إن مواصلة قياس القوة بالمفاهيم العسكرية، بدلا من مقاييس الاستقرار والعدالة والانخراط في البحث عن أفق لجميع شعوب المنطقة، هو الفشل الحقيقي.
* إن استمرار المراوحة في دوائر العُنف الممؤسس المقفلة، وعدم التعلّم من تجارب التاريخ، هو الفشل الحقيقي.
* إن سياسة تقوم على الباطل، وعلى انتهاك حقوق الآخرين، ستظل فاشلة وهذا هو الفشل الأكبر.
أخيرًا، طالما لم يُدرك المجتمع الإسرائيلي ما سلف، سيظلّ ينصّب على العرش حكّامًا يقودونه الى مهاوي الرّدى. فقد آن أوان الاستفاقة من وهم القوّة والعنجهيّات، والجنوح الى سكة السلام والعدل والمستقبل المستقرّ.

(الاتحاد)

الخميس 31/1/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع