غزّة ودور الشباب



جاءت المظاهرة العربية-اليهودية  الحاشدة، أمس السبت، على معبر ايريزالذي يغلقه الاحتلال الاسرائيلي، لتعبّر عن صوت الضمير والواجب ضد جريمة الاحتلال المتواصلة في غزة. فاليوم، تكتمل عشرة أيام على حصار التجويع الهمجي للقطاع العزيز. ويجب على التحرّك الاحتجاجي القويّ أن يتصاعد يوميًا، لدكّ أسوار اللامبالاة والصمت المشينين.
إن الصوت الاحتجاجي المشترك هنا، في البلاد، يحمل أهمية متميزة. فهو يتوجه أولا الى الأهل في القطاع بصوت التضامن والتصميم على مواصلة الدرب النضالي حتى كسر الاحتلال وقلعه، سواء كان بصيغته المباشرة القديمة أو غير المباشرة، وهي الأدهى والأخبث، الجديدة.
كذلك، هناك رسالة موجهة الى المجتمع الاسرائيلي، الذي آن الأوان أن تستفيق قواه العقلانية الصامتة والخائفة؛ يجب مواصلة رفع الصوت حتى يفهم هذا المجتمع أنه يتعرّض للمقامرة بدمه من قبل حكومته، عبر رفضها المتعنت الجنوح الى الدرب الحواري لحقن الدماء.
ووسط الصمت والتلكؤ الدوليين، وخطف الرأس لدى الأنظمة العربية، يجب اعلاء الصوت من هنا. إن غزة أعزّ من أن تُترك لطاولات الدبلوماسيات الباردة. على أصحاب الضمائر الحيّة النظر الى التحركات الاحتجاجية الراهنة كحلقة أولى في مسيرة متصاعدة من النضالات.
وهنا، يجب الاشارة ببالغ الاهتمام الى وجوب مشاركة الأجيال الشابة في هذه التحرّك. فانخراط الشباب في هموم شعبهم، والقضايا التي تنعكس مباشرة على حياتهم ومستقبلهم، هو لبنة أساسية في التثقيف لأجل اضطلاعهم بدورهم الوطني العينيّ والانساني الأوسع. فالشباب كروح حية مبدعة، يجب أن يظهروا بقوّة في هذه النضالات، سواء كان بالمشاركة العددية أو في الطابع الذي سيضفونه عليها.
إن دروس التثقيف الوطني لا تكتمل بالنشاطات المحلية المحدودة، ومن نافلة القول إنها لن تُجدي طالما ظلت تتراوح في حدود التنظيرات الركيكة والتمنيات. بل انها تتعمّد وتتفولذ بالأساس في ميادين الكفاح الشعبي والسياسي. وهذه دعوة الى شبابنا، أن يقبضوا على اللحظة، وأن يؤدوا دورهم الأساسي الهام؛ لأجل شعبهم، ومجتمعهم ومستقبلهم – بل مستقبل هذه البلاد والمنطقة برمّتها.
للأسف، لقد غاب في السنوات الأخيرة العديد من ملامح وتقاليد النضال التي طالما أبدع الشباب فيها. ومع اشتداد وطأة التطورات السياسية القاتمة، فمن شأن عودة دور الشباب النضالي البارز أن يشكل قفزة تمتد أهميتها في أكثر من اتجاه حيويّ.
إن من واجب القيادات السياسية لجماهيرنا النظر الى هذا المنحى النضالي كأولوية. وهو ما يحتاج الى بذل عناية خاصة واهتمام أكبر، حتى نعيد البهاء الى هويتنا الكفاحية بتوسيع حضور الجيل الشاب، من شابات وشبان، الى ميادين النضال. فما هذا النضال الا على مستقبل أفضل، والشباب هم المستقبل.

(الاتحاد)

الأحد 27/1/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع