أهداف براك الذاتيّة



يُجمع المعلقون والمراقبون للساحة السياسية الإسرائيلية على أن مصير حكومة أولمرت موجود اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في يد وزير "الأمن" ورئيس حزب "العمل"، إيهود براك.
فبعد أيام على خروج كتلة "يسرائيل بيتنو" الفاشية من الائتلاف الحكومي وتلويح "شاس" وتهديدها بحذو حذوها عند طرح قضية القدس على جدول المفاوضات؛ وقبل أقل من أسبوعين على نشر تقرير "لجنة فينوغراد" النهائي، يمسك الرجل بإحدى أكثر الأوراق السياسية أهمية. فقد تعهّد براك في حينه (في خطاب "سدوت يام" الشهير) بعدم البقاء في حكومة أولمرت بعد التقرير النهائي، ولكن إجراء انتخابات برلمانية في الأشهر القريبة سيفضي، حسب كل الاستطلاعات، إلى اعتلاء اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو سدة الحكم في إسرائيل، وهبوط تمثيل حزبي الحكم الأساسيين، كاديما والعمل.
وفيما يبدو أن براك ووزراءه لن يعجّلوا في التخلي عن مقاعدهم الوزارية الوثيرة، على ما يعنيه هذا من ضرب لمصداقيتهم. بدأت تتكشّف تحرّكات براك لحث حزب أولمرت على استبداله برئيس حكومة آخر من "كاديما"، حتى يتسنى له ولحزبه "الوفاء بتعهّدهم"، دون ترك الحكومة.
لم يبق في الائتلاف الحكوميّ سوى 67 نائبًا، يُعتبر بعضهم "متمرّدين". وهو ما يهدّد استقرار الحكومة (حتى إذا لم يؤد تقرير فينوغراد إلى الإطاحة بأولمرت، وحتى لو لم تنفذ "شاس" تهديدها). وليس من المستبعد أن تجري انتخابات في غضون سنة على الأكثر. وفي هذه السنة، سيحاول براك - الذي يدرك أكثر فأكثر أن معركته الحقيقية ستكون أمام نتنياهو – كسب المزيد من النقاط، من خلال موقعه كوزير "أمن"، وبكلمات أخرى: من خلال قتل المزيد والمزيد من أبناء شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وخاصة في غزة. وما رأيناه الأسبوع المنصرم من تصعيد دموي إسرائيلي ليس سوى حلقة أولى من سلسلة إرهابية إسرائيلية يخطط لها حكام إسرائيل وجنرالاتها، ستكون ذروتها حملةً عسكرية واسعة النطاق على القطاع المحاصَر، ستتواصل – حسب قائد أركان جيش الاحتلال أشكنازي – من سنة ونصف إلى سنتين.
إن عقلية براك ورؤيته الاستراتيجية لا تختلفان كثيرًا عن الشارونية سيئة الصيت. وكلنا يعرف براك (صاحب فرية "لا شريك") ويتذكر موقفه عشية مؤتمر أنابوليس وتحفظاته على مفاوضات الحل النهائي، وحتى مما يسمّى بالبؤر الاستيطانية، التي يماطل في إزالتها بذريعة "الحوار" مع المستوطنين.
الكرة في ملعب براك. ولكن المفارقة هي أنّ براك، كيفما حرّكها، سيُسجّل هدفًا ذاتيًا في مرمى المصلحة الحقيقية للشعبين، والتي تقتضي جنوحًا إسرائيليًا جذريًا وحقيقيًا نحو تسوية عادلة تلـبّي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المغتصبة: الدولة، والقدس، وحل قضية اللاجئين.


(الاتحاد)

الأحد 20/1/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع