كلمة <<الاتحاد>>
معطيات لها مدلولاتها

أكدنا ونؤكد دائمًا ان الاحتلال الاسرائيلي لا يولّد سوى المآسي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا واخلاقيًا. كما اكدنا ونؤكد دائمًا ان الضحية الاساسية التي تعاني من مآسي وجرائم الاحتلال الاسرائيلي هو الشعب العربي الفلسطيني، ولكن اضافة الى حقيقة ان الاحتلال مأساة بالنسبة للشعب الفلسطيني فانه مأساة ايضًا بالنسبة للشعب والجماهير الواسعة في اسرائيل. فالاحتلال يدمر حياة ومعيشة مئات الالوف من الفئات الاجتماعية المسحوقة في اسرائيل، كما يدمر الاقتصاد الاسرائيلي. فخلال السنوات الثلاث الماضية وفي ظل تصعيد الحرب الهمجية الدموية ضد شعب الانتفاضة الفلسطينية وتكلفتها غالية الثمن انضم الى سوق البطالة اكثر من مائة وعشرين الف عاطل جديد عن العمل كما قذف الى حياة المعاناة المعيشية تحت خط الفقر خلال هذه الفترة حوالي خمسمائة وستين الف انسان فقير جديد. وهذا يعكس حقيقة ما نؤكده دائمًا ان البطالة والفقر ليسا ابدًا بظواهر طبيعية او ضربة من السماء، بل هما نتاج سياسة منهجية رسمية، وفي بلادنا نتاج سياسة الاحتلال والعدوان والافقار التي تنتهجها حكومات الاحتلال واغناء الاغنياء وافقار الفقراء.

لقد تعودنا في بلادنا الى حقيقة ان الاوساط الرسمية الحاكمة تلجأ الى تزوير المعطيات في مختلف المجالات وذلك لاخفاء الحقائق عن نتائج سياستها المغامرة. فبعض المعطيات الرسمية المنطلقة من الدوائر الرسمية الحكومية تجمل خسائر الاقتصاد الاسرائيلي في سنوات الانتفاضة الثلاث بمبلغ يتراوح بين خمسين مليون وستين مليون شاقل اسرائيلي. وما نشر امس، الاربعاء، من معطيات عن خسائر فرع اقتصادي واحد، فرع السياحة ينسف عمليًا المعطيات الاجمالية عن حجم خسائر الاقتصاد الاسرائيلي. ففرع السياحة كان من اكثر الفروع الاقتصادية تضررًا خلال السنوات الثلاث الماضية ومنذ مجزرة القدس والاقصى وانفجار الانتفاضة الفلسطينية. فازدهار وانتعاش او انحسار وانتكاس السياحة يرتبط عضويًا بحالة الاستقرار السياسي والامني. وكان من البديهي جدًا ان يواجه فرع السياحة الاسرائيلي والفروع المرتبطة به ضربة موجعة ومدمرة في ظل تصعيد العدوان العسكري الدموي الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة. فحسب معطيات مكتب تنظيم السياحة، التي نشرت امس، فإن فرع السياحة في البلاد، خسر منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الحالية، قبل ثلاث سنوات، زهاء ثمانية ملايين سائح، امتنعوا عن المجيء الى بلاد جهنم الصراع، وبذلك خسر الاقتصاد الاسرائيلي حوالي عشرة ملايين دولار، اي حوالي خمسين مليون شاقل. وهذا المبلغ لوحده كان كافيًا، لو توفر، لكبح جماح حكومة شارون - نتنياهو وخطتها الاقتصادية الكارثية التي تقتطع من لقمة عيش اصحاب المداخيل المحدودة التي يتسلمونها من التأمين الوطني بشكل مخصصات اولاد وتقاعد وعائلات احادية الوالدين وغيرها.
ان المعطيات عن خسائر السياحة تؤكد حقيقة ان انهاء الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي وانجاز التسوية السلمية العادلة نسبيًا يخدم المصالح الحقيقية لكلا الشعبين سياسيًا واقتصاديًا ومعيشيًا.

("الاتحـــــــــــاد")
الخميس 11/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع