هات وشك خدلك تفة!



غادر البلاد أول أمس الجمعة الرئيس الأمريكي جورج بوش، مستأنفًا جولته في المنطقة، دون أن تسهم زيارته في إنجاز أي تقدّم على المسار الإسرائيلي الفلسطيني. وهذا ليس بمفاجئ بل إن أي شيء غير ذلك هو المفاجأة بعينها.
إن تصرحيات بوش حول إحراز اتفاق سلام وإقامة دولة فلسطينية هذا العام 2008 هو كلام فارغ. ولعلّ بوش، المعروف بعدم ذكائه، يجهل حقيقة أن النكتة البائخة تصبح بائخة أكثر حين يكرّرونها مرّتين؛ مرة في أنابوليس ومرة ثانية خلال هذه الزيارة. والسبب في هذا يعود طبعًا للموقف الإسرائيلي الأمريكي الرافض لمتطلبات السلام العادل الحقيقي.
وإسرائيل بالمناسبة هي الدولة الوحيدة التي قد يحظى فيها المستر بوش بمثل هذا الترحيب. وهذه الحقيقة قد تقول الكثير عن الرئيس الأمريكي، ولكنها تقول أكثر عن المجتمع الإسرائيلي الذي يغرقه حكامه في أوهام الغطرسة و"الصداقة" مع الإمبريالية! فالحقيقة هي أن هذه الزيارة هي جزء من حملة علاقات عامة لرفع أسهم بوش من جهة وأولمرت من جهة أخرى، خاصة وأن الأخير سيواجه قريبًا تقرير لجنة فينوغراد الذي قد يزعزع حكومته ويجعله ووزير "أمنه" براك محط انتقادات لاذعة من رأي عام إسرائيلي يسأل عن أسباب فشل العدوان بدل مساءلة أصحاب سياسة العدوان ومشاريع العدوان وعقلية العدوان تجاه الشعوب العربية!
إن حديث بوش عن وجوب إزالة المستوطنات العشوائية هو كلمة حق يراد بها باطل، فالإدارة الأمريكية الحالية كانت الوحيدة التي اتخذت موقفًا رسميًا يشرعن الكتل الاستيطانية (رسالة الضمانات التي منحها بوش لشارون في نيسان 2004) والمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية ماضية بدعم أمريكي غير مباشر وما زالت مستمرة قبل وبعد مؤتمر أنابوليس.
أما ما رشح عن مباحثات بوش مع حكام إسرائيل في الشأن الإيراني، فيعكس أزمة الإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل العميقة، بعد نشر التقرير الاستخباري الأمريكي حول مشروع الطاقة النووية الإيراني، والذي جرّد مقاولو الحرب والعدوان من ذريعتهم الأساسية لشنّ هجوم على إيران. فبعد أن كانت الإستراتيجية الإسرائيلية يوجهّها منطلق أن "المسألة الإيرانية هي مشكلة كل العالم وليس إسرائيل وحدها"، تبيّن أن الإدارة الأمريكية عاجزة حتى عن المبادرة لجبهة ضد إيران في المنطقة. وإسرائيل لا تريد ولا تستطيع خوض الحرب على إيران وحدها، خاصة بعد عدوان تموز 2006 الذي أثبت أن ثمة إمكانية واقعية لوجود قوة تردع البلطجة الإسرائيلية في المنطقة.
ولن نجد، ختامًا، أفضل من كلمات الفاجومي أحمد فؤاد نجم، لنهديها لبوش: طبيت لحقوك بالزفة/ يا عريس الغفلة يا خفة/ هات وشك خدلك تفة/ شوبش من صاحب البيت"!

(الاتحاد)

الأحد 13/1/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع