سيف ذو حدّين..



لا شكّ في أنّ اضطرار حكومة إسرائيل للعودة إلى مائدة المفاوضات وفتح ملفات قضايا الحل الدائم هو، بحد ذاته، إنجاز هام للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وللقيادة الشرعية لهذا الشعب وهذه القضية، الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية.
وللتذكير، فقد أعلن رئيس الحكومة السابق ووزير "الأمن" الحالي إيهود براك في صيف العام 2000 أن "لا شريك فلسطيني"، وعلى هذا الأساس اعتلى شارون سدّة الحكم، مرتين متتاليتين، وعلى هذا الأساس أيضًا انتُخب رئيس الحكومة الحالي إيهود أولمرت لرئاسة الحكومة قبل أقل من سنتين، رافعًا لواء "خطة الانطواء" أحادية الجانب التي اضطر لطيّها لاحقًا.
لقد تعرّضت قضية الشعب العربي الفلسطيني - قضية التحرّر من الاحتلال وممارسة حقه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين – إلى مؤامرة كبرى لدفنها وتصفيتها نهائيًا، وتحويلها إلى مسألة ثانوية ضمن "الحملة العالمية على الإرهاب" الإمبريالية الأمريكية. وفي السياق الإسرائيلي: إلى قضية إسرائيلية داخلية، "يتفاوض" فيها الإسرائيليون مع أنفسهم!
إن هذه السياسة وهذه الرؤية، التي أطلقنا علينا في حينه، وبحق، تسمية "الشارونية"، قد أثبتت فشلها. وليس يكن هذا الفشل من نصيب حكّام إسرائيل وحدهم، بل وصل واشنطن، وإلى إدارة بوش التي اضطرت لتغيير سياستها، ولو شكليًا، في السنوات الأخيرة. حيث تم ترجيح توجّه وزيرة الخارجية كونلديزا رايس على توجّه غلاة المحافظين الجدد (وعلى رأسهم نائب بوش ديك تشيني). وهذا التغيير هو ما يقف وراء الحراك الدبلوماسي الذي تشهده المنطقة في الآونة الأخيرة.
إلا أنّ هذا كله يتقاطع مع سياق آخر، سياق الانقلاب الدموي المرفوض الذي نفّذته حركة "حماس" في قطاع غزة، وإسقاطاته الخطيرة على قضية شعبنا الفلسطيني، والخدمة الكبيرة التي أسداها الانقلابيون للمحتل، بفصل غزة عن القدس والضفة كوحدة سياسية وجغرافية واحدة. وكما قال الرئيس عباس الأسبوع الماضي فإن الانقلاب هو "سكين يسلطه الأعداء على رقابنا"، حيث يحاول الإسرائيليون ابتزاز المفاوض الفلسطيني. وتتوجب الإشارة هنا إلى الموقف الفلسطيني الهام والمتمسّـك بالثوابت الفلسطينية وبالحقوق الفلسطينية (لا بل والسورية)، سواء أكان في خطاب الرئيس عباس في مؤتمر أنابوليس، أم في جولات التفاوض اتي جرت حتى الآن.
إن المطلوب اليوم، مع مباشرة المفاوضات على قضايا الحل الدائم، هو وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، والعودة إلى المرجعية الوطنية السياسية والأخلاقية الأساسية والتاريخية. وليس تكريس الانقسام والانقلاب وتحويل قضية هذا الشعب إلى ورقة يقامر فيها هذا النظام العربي أو ذاك النظام غير العربي.

(الاتحاد)

الأربعاء 9/1/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع