كلمة <<الاتحاد>>
في الذكرى السنوية للانتفاضة الاولى

صادفت امس، التاسع من كانون الاول، الذكرى السنوية الـ 16 للانتفاضةالفلسطينية الاولى، ولا نود في هذه المناسبة اجراء مقارنة بين الانتفاضة الاولى، طابعها ومدلولاتها ونتائجها السياسية على ارض الواقع وبين الانتفاضة الثانية، طابعها ومدلولاتها، خاصة وان الظروف التي رافقت معادلة الصراع، العالمية والشرق أوسطية، شديدة الاختلاف، وقد تطرقنا الى هذا الموضوع في اكثر من مرة واكثر من مناسبة. ولكن ما نود تأكيده في هذا السياق وبهذه المناسبة ان شعب الانتفاضة الفلسطينية ارادته الصوانية ملحمة بطولية اسطورية رغم المعاناة التي يواجهها والتي تفوق طاقة البشر. استعداده للتضحية مهرًا لحريته ولاستقلاله الوطني وللتخلص من قيود الاحتلال الغاشم ودنسه الاستيطاني جعلته يطعج مخرز طغاة الحرب الدموية وما يرتكبونه من مجازر وتدمير تعيد الى الاذهان هولاكو التدمير الهمجي، ويفشل مخططاتهم التصفوية ويثبت للعالم ان ارادة شعب يناضل دفاعًا عن حقه في التحرر والاستقلال الوطني لا تقهر ابدًا. صمود الشعب الفلسطيني في وجه تصعيد جرائم المحتل قاد الى عزلة حكومة الكوارث اليمينية الشارونية دوليًا والى تعميق ازمتها واتساع دائرة الدعم التضامني مع الحق الفلسطيني المشروع. فعشية ذكرى الانتفاضة الاولى على سبيل المثال لا الحصر تلقت سياسة حكومة الاستيطان اليمينية صفعة جديدة من الجمعية العمومية للامم المتحدة. فقد صوت مندوبي تسعين دولة على تحويل ملف جدار الفصل العنصري الذي تقيمه اسرائيل الاحتلال في عمق الضفة الغربية الى محكمة العدل الدولية في لاهاي. ولم يصوت ضد القرار سوى تحالف الشر الامريكي - الاسرائيلي ومندوبو ستة انظمة تدور في فلك التبعية العبودية للولايات المتحدة وخدمة مصالحها مثل ميكرونيزيا وجزر المارشال وناؤور وبالاو. فقد جاء في القرار "ان الجمعية العمومية تطلب من المحكمة الدولية رأيها حول ما هي التبعية القانونية لاقامة جدار الفصل من قبل اسرائيل في المناطق المحتلة، بما في ذلك في القدس". وقد جاء هذا القرار مكملاً للقرار الذي اتخذته الجمعية قبل شهر تمامًا في اجتماع طارئ يطالب اسرائيل بوقف البناء في الجدار وهدم ما تم بناؤه.

لقد ادى اتخاذ هذا القرار الهام من حيث مدلوله السياسي الى زوبعة من التحريض الهستيري من قبل شارون وغيره، الى درجة ان يتهم شارون بان القرار لا يعدو كونه "مناورة قذرة ومحاولة عربية لتوسيع نضالهم السياسي ضد الجدار الى اتجاهات قضائية، انه استغلال فظ للامم المتحدة ومؤسساتها القضائية"! والصراخ كما يقولون على قدر الوجع. حتى في داخل الحكومة توجهت كتلة "شينوي" بطلب بحث قضية الجدار في جلسة الحكومة يوم الاحد المقبل.

ان ما يمكن تأكيده في ذكرى الانتفاضة ان مصلحة المعركة من اجل السلام ووقف نزيف دم الصراع تستدعي رص اوسع وحدة كفاحية يهودية - عربية لوقف بناء جدار العزل العنصري وجميع أشكال الاستيطان، وقف جميع اشكال الجرائم والمجازر ضد الشعب الفلسطيني والتوجه الى طاولة المفاوضات لانجاز التسوية العادلة.

("الاتحـــــــــــــــاد")
الأربعاء 10/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع