أوامر تعسّفيّة مذلة سلطويّة ضد المعلمين



صادف قبل يومين، في العاشر من شهر كانون الاول الجاري، اليوم العالمي لمحاربة الفساد الذي اقرته الامم المتحدة. واللافت للانتباه ان اسرائيل الرسمية ومختلف وسائل اعلامها تجاهلت تماما هذه المناسبة ولجأت الى ما تطلق عليه سياسة "الغموض الاستراتيجي"، كما هو الامر في سياستها مع ترسانتها النووية ومع كل موضوع يتعلق بجرائم هذه السلطة. وتعتبر ظاهرة الفساد، وخاصة في مؤسسات السلطة في اسرائيل، داخل اروقة حكومتها ورئاستها، من الظواهر التي تؤهّل اسرائيل لتتبوّأ احد الاماكن الاولى عالميا بين بلدان الانظمة الفاسدة.
ومن بين مظاهر الفساد السلطوي السياسة التي تمارسها حكومة اولمرت – براك ضد جمهور المعلمين. فجمهور المعلمين في المدارس فوق الابتدائية لجأ بقيادة منظمة المعلمين الى استخدام حقهم النقابي الدمقراطي بالاضراب دفاعا عن حقوقهم وشروط عملهم. فحسب وجهة نظر حكومة الفساد جريمة هي ان يضرب المعلمون لتحصيل حقهم برفع معاشات الفقر التي يتلقونها بعشرين في المئة، وبإعادة الحصص الدراسية التي قُلصت، وبمعالجة الاكتظاظ في الصفوف بحيث لا يكون في الصف اكثر من ثلاثين طالبا. كل ما يطالب به المعلمون لا يكلف ثمن طائرة دمار نفاثة امريكية تشتريها اسرائيل. وتعنّت الحكومة ورفضها الاستجابة لمطالب المعلمين العادلة يعكس احد اوجه السياسة النيولبرالية التي تنتهجها الحكومة والتي مدلولها القضاء تدريجيا على ما يسمى "دولة الرفاه"، على فروع الخدمات الشعبية، الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي. فبدلا من الاستجابة لمطالب المعلمين عن طريق التفاوض والحوار لجأت الحكومة الى منطق البلطجة لكسر اضراب المعلمين بالقوة وبشكل تعسفي مهين، فقد لجأت الى محكمة العمل في القدس واصدرت امرا تعسفيا ضد منظمة المعلمين تأمرها بعودة المعلمين المضربين ابتداء من يوم غد الخميس!! ان هذا الامر التعسفي المهين شكل واجراء من اشكال واجراءات الهجمة السلطوية النيولبرالية على الحقوق النقابية والدمقراطية للعاملين والموظفين، هجمة على المنظمات النقابية الكبيرة في القطاع العام، قطاع الخدمات الشعبية. ولهذا ليس من وليد الصدفة ان يعلن عدد من لجان المعلمين العرب واليهود رفضهم لهذه الاوامر التعسفية وعدم عودتهم للتعليم. كما ان لجان الآباء واللجان الطلابية في عدد من المدارس اليهودية والعربية، قد اعلنوا تضامنهم مع معلميهم وانهم لن يعودوا غدا الى مقاعد الدراسة.
إننا في صحيفة "الاتحاد" وقد اعلنّا منذ اليوم الاول لاضراب المعلمين عن تضامننا مع اضرابهم ومطالبهم العادلة، وإننا اليوم اذ نستنكر هذه الاجراءات التعسفية لمحكمة العمل، فإننا نعتبر انفسنا، صحيفتنا، منبرا مجنّدا لكسر وافشال هذه الاوامر.

الأربعاء 12/12/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع