"الزيطة والزمبليطة" للإعلان عن بداية مفاوضات..!
أنابوليس.. هذه المسرحية الضخمة!



لم يتمخّض المؤتمر الذي رعته الإدارة الأميركية أمس في أنابوليس وحضرته عشرات الدول العربية والأجنبية عن أية نتيجة جدية تذكر. ففضلا عن الإعلان عن مواصلة اللقاءات بين عباس وأولمرت من أجل "حل دائم حتى نهاية العام 2008" (وشعبنا الفلسطيني وأنصار قضيته العادلة لن يُـلدغوا من جُحر المواعيد الأمريكية ثلاث مرات – الأولى في أوسلو والثانية في خارطة الطريق والثالثة أمس في أنابلوليس!)، لم يتم إحقاق أي تقدّم حقيقي ولو صغير على المسار الفلسطيني الإسرائيلي ولا على المسار السوري الإسرائيلي. ولأول مرة في تاريخ الصراع تقام كل هذه "الزيطة والزمبليطة" للإعلان عن بداية مفاوضات وليس لتكليلها. وهنا ربما يكمُن "الإنجاز" الوحيد لأنابوليس!
إن المسبّب الأساس لتفريغ المؤتمر من مضمونه وتحويله إلى مجرّد مشهد تلفزيوني عابر أو صورة فوتوغرافية ترفع شعبية بوش الحضيضية في عامه الرئاسيّ الأخير، هو الموقف الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، المتنكّر للحقوق الفلسطينية المشروعة، والذي يتماشى معه موقف ضعيف من أنظمة عربية مدجّنة عاجزة عن الضغط على واشنطن للضغط على إسرائيل لدفع متطلبات السلام المعروفة التي تكفلها قرارات الشرعية الدولية، لا سيما في قضايا الحل الدائم الجوهرية: ممارسة الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره في دولته المستقلة في حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين حلا عادلا.
ما تسعى إليه إدارة بوش بعد فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان الصيف الماضي وفي ظل غوص المحتل الأمريكي في الوحل العراقي، هو استرداد هيبتها ومكانتها في المنطقة، وبلورة تحالف يشمل دولا عربية "معتدلة" ليشكل غطاءً لشن عدوان إمبريالي إجرامي على إيران بذريعة مشروعها النووي، وضرب أي إمكانية لنمو محاور إقليمية وعالمية لا تدور في فلك مصالح الإمبريالية التي تقودها واشنطن.
ويعلم الجميع، بما في هذا القيادة الفلسطينية في تقديرنا، أن ما يحرّك إدارة بوش في عامها الأخير ليس رغبة نبيلة في رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، بل، ببساطة شديدة، مصالحها؛ وأن مصلحتها في شوط الحلـّـة هذا هي الظهور بمظهر "راعي السلام" و"الدمقراطية" و"الاعتدال" (!) لتمرير مخططاتها للهيمنة والعدوان في المنطقة. وهذا المظهر يقتضى تحريك عملية التفاوض وزحزحة اللاشريك الإسرائيلي من مربع الإملاءات الأحادية الجانب إلى مربع المفاوضات، حتى ولو شكليًا. أي تمامًا كما حدث عشية احتلال العراق عام 2003 الذي ولـّـد خارطة الطريق التي أدت إلى باب سياسي موصود بسبب المواقف الإسرائيلية المتآمرة على قضية الشعب الفلسطيني وعلى مقتضيات الحل العادل.
وفي إزاء دائرة الموقف الإسرائيلي الأمريكي المفرغة هذه، طرح الرئيس عباس أمس موقفًا فلسطينيًا واضحًا وحازمًا، متشبثًا بكامل ثوابت الحقوق الفلسطينية، لا بل وبالحقوق السورية واللبنانية. وهذا هو الموقف الصحيح والواقعي الوحيد الممكن: فلا حل دون القدس ولا حل دون عودة ولا حل دون كامل التراب المحتل عام 1967.. لا حل بلا الأسرى وبلا بناء الدولة السيادية المستقلة. هذا الموقف الفلسطيني هو الذي سيضع الموقف الإسرائيلي على المحك وهو الذي سيسائل الموقف الأمريكي حول حقيقة نواياه من كل هذه المسرحية الضخمة، المسماة "أنابوليس"!




(الاتــــــحـــــــــاد)

الأربعاء 28/11/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع