كلمة <<الاتحاد>>
صخرة الوحدة الوطنية الفلسطينية

تتواصل في العاصمة المصرية اجتماعات الحوار بين الفصائل الفلسطينية من كل الطيف الوطني، بما في ذلك المعارضة. وإذا كان العنوان العريض لهذه المباحثات هو الاتفاق حول "هدنة جديدة"، فإن عيون كل من تهمهم المصلحة الفلسطينية تظل معلّقة على أمل الخروج من هذه المباحثات وقد تعمقت مضامين وآليات الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، مع تحديد سقف وطني تتواصل تحت شرعيته، وتحتها فقط، كل أشكال النضال للتحرر من الاحتلال الاسرائيلي، وإحقاق كافة الحقوق الوطنية المشروعة.

حقيقة هي أن هناك خلافات. وليس أنه لا يمكن إخفاؤها فحسب، بل يجب الخروج بها علانية، ضمن حدود النقاش السياسي الدمقراطي، لتوضع في الامتحان الأكبر، نقصد امتحان الشعب لأنه صاحب القضية والمصلحة العليا. ولا حاجة للتخوّف من اختلاف الرأي، لأن هذا الشعب صاحب التجربة العريضة والمعاناة الطويلة، لا بد أن تتعدد الآراء بين أطيافه السياسية المختلفة، مما يوجب مواجهة الخلاف بوعي وطني وسياسي ودمقراطي معًا.
فحكومة اليمين الاستيطاني الحاكم تنتظر على الدوام الفرصة الأولى لكسر أكثر ما يحبط مخططاتها، وهو اللحمة الوطنية الفلسطينية التي تفولذت بالتجربة وبخلاصة أن ليس لدى هذا الشعب من يعوّل عليه سوى صموده ونضاله الحكيم. فلا عروش وكراسي رئاسات الأنظمة العربية مدّت يدًا مُسعفة حقًا للعون، ولا كل الخطابات النارية المزاودة من كافة التقاليع والموضات التي نسمع نشازها بين الحين والآخر في كل المواقع، بما فيها بين هذه البقية الباقية في وطنها من جماهيرنا العربية.

لقد ثبت أن رهان الاحتلال سيظل فاشلا طالما حافظ الشعب الفلسطيني المكافح على وحدته وسقفه الوطني. لا بل أن الشروخ تطال الآن ماكينة الدعاية الاسرائيلية التي باتت عاجزة عن تكريس ما تسعى اليه تحت مختلف الذرائع الفارغة، ابتداءً من "مكافحة الارهاب" وحتى "انعدام الشريك". ومن الضروري استنفاد هذا التطور السياسي الهام الذي لم يكن ليحدث دون المواجهة الفلسطينية الموحدة، علّه يكون الرافعة نحو تطور نوعي جديد تتعمق فيه عزلة الاحتلال الاسرائيلي، نهجًا وعقلية وممارسة.

ويبقى من حق هذا الشعب المكافح علينا أن نناشد فصائله كلها الحذر ثم الحذر في هذه الظروف الحساسة. ومن واجبنا المجاهرة بالقول إن بعض التوجهات الأخيرة خاصة مع كشف وإعلان ما اصطلح على تسميته "تفاهمات جنيف" لا تخدم الوحدة الوطنية التي يجب أن يفوق الحرص عليها، من كافة الفصائل، أي قضية أخرى. ونظل على ثقة بأن هذا الشعب الذي لم تقصف إرادته شتى عواصف العدوان لا بد أن يعبر هذه المرحلة أيضًا الى شاطئ نأمل أن يكون شاطئ التحرر الأخير.

(الاتحاد)
الجمعة 5/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع