كلمة <<الاتحاد>>
حلقة الوصل بين الاحتلال والإفقار

المعطيات التي نُشرت امس، (أنظر "الاتحاد")، بشأن التقاطب المتعمّق اقتصاديًا، وبالتالي اجتماعيًا، تثير اكثر من سؤال. فقد تبين بحسب عدة استطلاعات وأبحاث، أن أرباح كبريات الشركات ازدادت بما يفوق الثلاثة اضعاف، وهذا في حين يعاني العمال في نصف مصانع البلاد من تجميد أجورهم، خلال هذا العام المقترب على الانتهاء.

واللافت ان كلتا الفئتين تعيشان في نفس وضع الركود الاقتصادي، فكيف تزداد ارباح هؤلاء بينما تتجمّد أجور اولئك؟ خلف هذه المعطيات تقف اسباب ترتبط مباشرة بالحكومة اليمينية المتربّعة على الصدور. فكمية ما يسمى بـ "التسهيلات" و"المحفّزات" لكبريات الأذرع الاقتصادية، من الضرائب وحتى القروض المريحة والمنح والاعفاءات وجدولة الديون، تجعل شريحة كبار الاغنياء تضاعف أرباحها، باسم مصطلحات التمويه من فئة "تشجيع الاستثمار" و"النمو" والى آخر هذا القاموس. والسؤال: من أين تموّل تلك الاموال، مباشرة وبشكل ملتوٍ؟ فكمية الأموال محدودة، وهنا يظل السؤال يدور حول التوزيعة القاسية، النظيفة من أية عدالة او إنصاف!

كالمتوقع يجمّد أصحاب المصانع أجور العاملين، باسم الركود والصعوبات الاقتصادية، ولكن في نفس الوقت تنشأ معادلة يدفع فيها من يبذلون جهدهم وعرقهم ووقتهم، من جيوبهم مباشرة، ثمن ترهّل أرباح القروش المالية الجشعة. هنا، يُضاف هذا الى ما يدفعه العامل، قسرًا، من جيبه ورفاهيته وحقوق عائلته، مقابل تمويل سياسة الاحتلال المتجسّدة في الاستيطان والجدران العنصرية والصرف على آلة الحرب.
بالطبع، ففي الحالتين تقود الخيوط الى متخذي القرار، الى حكومة لا تملك التزامًا سوى لفئتين، فئة المستفيدين من الاحتلال وفئة المستفيدين من تعميق النهج اليميني الرأسمالي. وهكذا، نجد الخيوط ترتبط لتظهر صورة متكاملة لليمين: ان نفس من يدعم سياسة الاحتلال ويقودها، هو الذي يُفقر الفقير ويغني الغنيّ. وفي الحالتين الضحية واحدة.

ومن هنا، فالاجابة على سؤال الاسئلة: "ما العمل" يجب ان يقود الى تعميق التحرك الكفاحي في الحلبة الاقتصادية - الاجتماعية، عبر الانسجام بل قيادة النضالات ذات المضمون الطبقي. والمظاهرة المخططة ليوم السبت القريب في تل ابيب امام مكان انعقاد مؤتمر كبار الاغنياء، هي محطة هامة على طريق رفع صوت الاحتجاج، أملاً في تعميق وعي هذا المجتمع لما يمرر عليه من مخططات خطيرة. وهذا بالضبط هو دور اليسار التقدمي.

("الاتحــــــــــــاد")
الخميس 4/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع