كلمة <<الاتحاد>>
المطر والسياسة!

قطع سيلَ الاخبار السياسية والاقتصادية، أمس، خبرٌ عن حالة الطقس.. فهذا الشتاء الذي تأخرت أمطاره، ادى الى عدد من الاضرار طالت العديد من المواطنين وبيوتهم وممتلكاتهم. قد يبدو للوهلة الاولى ان الامر خارج عن دائرة التحكّم، فمن هو القادر على التحكم بحالة الطقس؟

مع ذلك يجب التمعّن في أن الاضرار التي تقع، غير مرتبطة بالسماء، بل بالواقع والمعطيات على الارض. فالسلطات الاسرائيلية المنشغلة باقامة شتى المشاريع المدمّرة، من جدار الفصل العنصري والمستوطنات وحتى جدران الفصل بين الاغنياء والفقراء، لا تلتفت الى ضرورة اعداد وترميم بنية تحتية في الشوارع والاحياء، حتى يكون المطر، كما هو خيرًا "وليس مصيبة".
والأمر محكوم بالطبع للرؤيا التي تحكم الحكّام. فالعقليات التي تنضح بالاستعلاء ومشتقاته التوسعية وممارسات الإفقار ومحاصرة الشرائح المستضعَفة، تظل موائد عملها "نظيفة" مما يفترض القيام به لخدمة المواطن فعلا.. وبدلا من الاهتمام بالسيطرة على ما قد يقع من مكاره، نجد هؤلاء الحكام المنغلقين في غي تبلّدهم، وقد خططوا تخطيطًا لكل ما يجرّالمصائب.قد يبدو ان الخوض في قضايا كهذه ترفٌ! ولكن العكس هو الصحيح. فما هو المطلوب والواجب على الحكومات اذا لم يكن خدمة المواطن، تجسيدًا لممارسة حقه الذي ينصّ عليه القانون؟ هذا هو المعيار، وبدونه يفترض بالحكومات ان تنقلع الى غير رجعة.

في هذا السياق نذكر القرى العربية غير المعترف بها جورًا وظلمًا، أحياء الفقر والضائقة التي تسجن سياسات اليمين الاقتصادية اهاليها خلف جدران العوز والذلّ والإحباط، وكل الشرائح المستضعَفة التي تدوسها عجلات سياسات البطش الاقتصادي والاجتماعي بقيادة حكومة التطرف الاسرائيلية.

لقد قلنا ونؤكد، ان ثمن سياسة الاحتلال سيدفعها أيضًا الضحايا على الجانب الاسرائيلي من الحدّ، وهؤلاء لا يشملون الرؤوس السياسية والعسكرية "الكبيرة" التي تجر الويلات بالطبع.. فما يُصرف على بؤر الاستيطان يُنهب مباشرة من جيوب المواطنين.
وهكذا، ففي ظل حكومة بهذا النهج، حتى المطر، الذي ينتظره البشر بقلوب دافئة، تظل عواقبه محكومة بالسياسة!

("الاتحـــــــــــــاد")
الأربعاء 3/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع