للتخلص من تداعيات الحكم العسكري في باكستان...



بعد "انفراج" في المعمعان السياسي في باكستان، والاتفاق الذي وصل الرئيس الباكستاني برويز مشرّف إليه مع الرئيسة السابقة بنازير بوتو، لتقاسم السلطة، وإقصاء رئيس الحكومة السابق نوّاز شريف، عن موقع المطالبة باستعادة السلطة، قام مشرّف أمس بخطوة أخرى متقدّمة عن الاتفاقية التي وصل اليها مع بوتو، مستغلاًّ وجودها في دبي، ومستبقًا لقرار المحكمة العليا الباكستانية الذي من المتوقع كان أن يصدر بخصوص قانونية فوزه بانتخابات الرئاسة الأخيرة، حيث أعلن حالة الطوارئ في البلاد، وعزل قضاة المحكمة العليا، وأمر بمحاصرة مبنى المحكمة، وقطع شبكتي الهواتف الخليوية والثابتة، وقطع البث التلفزيوني، استكمالاً لإعلان حالة الطوارئ!!!
وجاء رد الفعل الأمريكي مفاجئًا نوعًا ما، حيث أن مشرّف حليف وثيق للأمريكيين في حربهم على "الإرهاب"، ويقوم بمهامّ كثيرة خدمة لهم في الجزء الباكستاني من شبه القارة الهندية، والجارة أفغانستان، كملاحقة حركة طالبان والإسلاميين في باكستان وأفغانستان!!
ونحن إذا نعتبر أن خطوة مشرّف هي خطوة خطيرة، تمس بمحاولات إرساء الاستقرار في هذه البلاد التي مزّقتها الحروب، وسفكت فيها الدماء بغزارة، خاصّة وأنّ خطوة عزل قضاة المحكمة العليا، وقطع الاتصالات وقطع البث التلفزيوني، هي خطوة لا تأتي إلا بالضرر على الشعب الباكستاني، وقد تكون تمهيدًا لمذابح قد ترتكب في إقليمي بلوشستان ووزيرستان، بعيدًا عن أعين الصحافة!!
إلا أن تنديدنا واستنكارنا للخطوة التي قام بها الرئيس الباكستاني مشروط باستنكار الموقف الأمريكي الرافض لهذه الخطوة، ليس براءة، وإنما لأهداف مفهومة، حيث أن الهدف الأمريكي من هذا الاستنكار معروف، وهو إغلاق فكّي الكماشة على تلك المنطقة، فوضع اليد على باكستان، يقوّي موقف أمريكا في سعيها لوضع اليد على إيران، أو على الأقل خلع النظام الحاكم فيها، ويقوّي موقفها أيضًا في أفغانستان، بالإضافة إلى الدعم الكبير لمسعاها الاقتراب من روسيا والصين ومركز آسيا، لمحاصرة رغبة هذه الدول بالتوسع غربًا، وللاقتراب من مصادر الطاقة غير المحدودة في تلك المنطقة!!
نقول، نعم للدمقراطية في باكستان، ونعم لوقف الممارسات العسكرية للرئيس الباكستاني ضد أبناء شعبه، ولكننا نقول لا لاستمرار التدخّل الأمريكي في تلك المنطقة، فالحل لهذه الأزمة، لا يمكن أن يكون أمريكيًٍّا!!

الأثنين 5/11/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع