ردا على مقال الكاتب نبيل عودة: مشروع الخدمة المدنية محكوم علية بالفشل: أنا خادم أنا خادم



استوقفني مقال الكاتب نبيل عودة في موقع بيتنا وموقع إذاعة الشمس الالكتروني وموقع بيتنا، حول المؤتمر القطري الذي نظمته لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطيني الـ48، بمركبتها الوطنية المختلفة، بالتعاون مع الائتلاف الشبابي ضد "الخدمة المدنية" الإسرائيلية، أو ما يمكن تسميته "العمالة لصالح الجمهور".
أولا أنا شارك في المؤتمر، وكان هناك حضوري شبابي مميز في القاعة، وليس كما يدعي نبيل عودة متهكما.
وبالنسبة لطرحة انه يجب مناقشة الموضوع من جوانبه المختلفة، وهجومه الكاسح والمتعمد على قيادات الوسط العربي من مختلف التيارات الوطنية، واتهامه لهم بادعاء القيادة، حتى لو كان ذلك صحيحا، فانا أعارضه الرأي، حيث يعود الى العادة القديمة لدى عربنا بتوجيه التهم في كل الاتجاهات، ورغم أن لجنة المتابعة تعاني من شلل وأزمة حقيقة، إلا أنها لا زالت وستبقى أعلى هيئة تمثيله لشعبنا في داخل إسرائيل، بكل مركباته الوطنية والسياسية.
ويقدم السيد عودة في طرحه دعما مطلقا لما تريد فرضه السلطة الإسرائيلية علينا بشكل متعمد، حيث يقول أن الخدمة الوطنية هي ضرورة اجتماعية لا بد منها، وأنها جاءت لخدمة مجتمعنا وتساعد على تطوير مجتمعنا ومدننا وقرانا العربية، والتي تربط تلقي الخدمات بتقديم الواجبات، ويشبه في طرحة أيام العمل التطوعي التي قادها القائد الراحل توفيق زيّاد في الثمانينيات، في القرن المنصرم.
يا سيد نبيل، أنا لست ضد الخدمة التي تريد تكون تطوعا وتهدف الى تطوير مجتمعنا، ولكن الطرح الإسرائيلي لمعنى الخدمة هو أنها تربط الموضوع بقضية تمس الواقع الأليم الذي جلبته السلطة على قرانا، ولكن ليست تلك الخدمة التي أقوم بتأديتها وتقررها لنا الحكومة الإسرائيلية، وتفرضها علينا كبديل للخدمة العسكرية، وبعدها تقوم بمنحنا التسهيلات المرفوضة أصلا.
وهل تريدنا أن نخدم وكل يوم يتم الاعتداء علينا ليس إلا لكوننا عرب، والتي كان أخرها أمس الأول في البقيعة.
وأنا خادم لشعبي وقضاياه اليومية المطلبية، هذا الشعب الذي يعاني الكثير الكثير جراء الممارسات الإسرائيلية ضده، وطبعا من خلال تجربتي في مجال الصحافة والإعلام، فقد اصطدمت بقضايا شعبنا الملحة، وأنا اوكد لك ولكل مؤيدي الخدمة أن هذه الخدمة ليست العنوان، لتغيير الواقع المرير الذي أجبرتنا إسرائيل عليه، فالخدمة المدنية التي تحدث عنها، هي مخطط تهدف من ورائه السلطة الحاكمة جر شبابنا نحو المجهول، والابتعاد عن تاريخنا وحضارنا الفلسطيني والعربي، وكذلك إلغاء ثقافتنا العربية والفلسطينية المجيدة، ومن خلالها تسعى الحكومة الإسرائيلية إبقاء شبابنا بعيدا عن هموم شعبهم وإبراز السياسيات الإسرائيلية وكأنها أمر لا مفر منه، وان الحل وتحصيل الحقوق يأتي فقط من خلال تأدية هذه الخدمة، هل لك أن تُجيب لماذا لجنة لبيد اعتبرت الخدمة المدنية مقدمة للخدمة العسكرية، ولماذا قدّم عبري توصياته لوزير "الأمن"؟! ولماذا قال رؤوبين غال مدير عام مديرية الخدمة المدنية انه لو طبقنا الخدمة المدنية لكان وضعنا أفضل في حرب لبنان الأخيرة؟ وهل يمكنك أن تشرح لي لماذا لا يوجد أي عربي ضمن إدارة مشروع الخدمة المدنية والتي يصل عددها 17 شخصيًا كلّهم عسكريون؟!
بصراحة، نحن نحطاط من المخططات الواضحة فكيف لا نحطاط من مخطط يحمل كل هذه الدلائل والشبهات التي ذكرتها؟! ألك ثقة بهذه المؤسسة إلى هذا الحدّ يا سيّد نبيل؟ 
سيد نبيل، الخدمة المدنية التي ارفضها ويرفضها شبابنا، هي تلك الخدمة التي تريد إسرائيل وحكامها تعميق مفهوم الاسرلة لدينا.
ولكن أنا سأكون خادم في حال قيامي بالاهتمام بمتابعة قضايا شبابنا وجماهير شعبنا المطلبية، وسؤالي لك، كيف سأكون خادم عند السلطة التي تريدني بلا حاضر ولا مستقبل والتنكر لماضيي، وهي نفس السلطة التي تتعمد على طمس مستقبلي ومستقبل الأجيال القادمة، وترفض الاعتراف بي، وتريد أن تكرس وترسخ التبعية الاقتصادية، وتعمق الفقر، وتحاربني منذ يوم ولدت حتى يوم موتي، وكذلك كيف يمكنني أن اسمح لنفسي أن أكون خادما، لمن قام بتجزئتنا الى طوائف وملل وقوميات، ويمنعني حتى من ابسط الأمور التواصل مع أبناء جلدتي.
وأؤكد لك يا أستاذ نبيل، إنني لن أكون خادما، عند من يريدني أن أقدم الخدمة التطوعية لشعبي تكون مرهونة ومدفوعة الأجر، أقوم بها مقابل بعض الفتات من الشواقل، والتي هي ثمن سكوتي على عنجهيتهم وتصرفاتهم العنصرية.
يا سيد نبيل، نعم للخدمة، فقط الخدمة التي تكون في مؤسستنا الوطنية، وتعود بالفائدة على أبناء شعبي وقرانا ومدننا، وهيئتنا الاجتماعية، وارفض الخدمة التي تكون مربوطة بتحصيل الحقوق وهي الطريق نحو فرض سياسة فرق تسد، وفرض الاسرلة علينا كضلع من المثلث الفلسطيني.
وأخيرا يا سيد عودة، أنا كشاب عربي، لم أجد أي دعم من السلطة الإسرائيلية، فقط انظر الى واقعنا المرير، بدءا من التعليم، وباقي مجالات الحياة، وأنا سأستغل الهامش الديمقراطي المتاح للمناورة، ونقول لا كبيرة للخدمة المدنية، وللسياسية الإسرائيلية التي تفرق بين الإنسان والإنسان، وتفرق بين العربي واليهودي على أساس قومي.
وفقط للتذكير فقد فشلت حكومات إسرائيل المتعاقبة على فرض مثل هذه السياسية وستفشل هذه المرة، والخدمة المدنية المذكورة سيكون محكوم عليها بالفشل، وأرجو أن تقرا التاريخ فقد علمنا التاريخ وتجربة إخواننا الدروز أن خدمتهم في الجيش لم تعطيهم أي شيء، بل أن معاناتهم مضاعفة ولم يحصلوا على أي مقابل، فقط الاعتداء والتحقير، وكذلك الأمر لدى البدو الذين يخدمون في الجيش، المكافأة التي تقدمها إسرائيل لهم، هي استمرار تهديهم وجودهم، وتلاحقهم حتى في المسكن، الذي هو من ابسط الحاجيات الإنسانية اليومية للعيش، وتتهمهم دائما بغزو أراضي الدولة، والأمثلة كثيرة.

(باقة الغربية)

بقلم: حسن مواسي
الخميس 1/11/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع