رسالة إلى ولدي (4)
شبابنا يلاطم مخرزهم ..ويلطُمه



ولدي الحبيب نزار

مع أنني لم أرد أن تتعبك الخطابات والكلمات ولا المداخلات، إلا أنني يا ولدي ندمت أشد الندم لأنني لم أصطحبك، يوم السبت الماضي، معي إلى حيفا عروس الكرمل، حيث توج المؤتمر (الأول!) لمناهضة الخدمة "الوطنية" وكل أشكال الخدمة التي تحاول المؤسسة الإسرائيلية أن تفرضها عليكم، أنت وأترابك والأجيال القادمة، تحت مسميات شتى وبأساليب شتى، وهي في الواقع يا ولدي مخططات تهدف بالأساس إلى تشيوه هويتنا الوطنية ومسخ ذاتنا الأبية وسلب مستقبلان الواعد المتمثل بك وبأترابك وأخواتك بيروت وبيسان ورونق، والزج بكم في أتون بوتقة الصهر الصهيونية لتلفظكم وقد خرجتم مسخا بائسا لا هوية لكم ولا انتماء، مقطوعين من شجرة العروبة وحضارتنا الإسلامية ترطنون بالعبرية وتلفظون ما يعلق، هذا إذا سمحوا لكم، بذاكرتكم من لغتنا العربية وحضارتنا العريقة.
في حيفا يا ولدي ، وفي قاعات مسرح الميدان استقبلنا شباب وفتيات في عمر الورد، جاءوا كلهم يؤكدون رفض مخططات السلطة وتنابلتها وأذنابها...جاءوا وقد ثبتت قناعاتهم الوطنية وهويتهم العربية أقدامهم ليعلنوا صرختهم المدوية ضد هذا المخطط. وفي حيفا يا ولدي، نعم هنا على جبل الكرمل التم شمل عربنا كلهم، من كافة الأحزاب والهيئات، يتوجون عامين من النشاط الدؤوب الذي أطلقته لجنة مناهضة الخدمة المدنية وكافة أشكال التجند، والائتلاف الشباب ضد الخدمة وجمعية بلدنا، والعشرات بل المئات من شبابنا الواعد، عدا عن رجال السياسة والأدب وكل من يهمه مصير أولاده\ أولادنا في هذه الديار.

ولدي نزار

كنت حدثتك في رسائل سابقة عن الأخطار التي تحيط بك وبأترابك، وعن المؤامرات التي تحاك ضدكم، مشيرا إلى أن الضوء كان انطلق وانبعث ليس من آخر النفق بل من قلب الوطن يوم أعلن عن تشكيل لجنة مناهضة الخدمة الوطنية وكافة أشكال التجند من قبل لجنة المتابعة ، ويتولى تفعيل عملها وتركيزها ، بالتناوب، الأخوان أيمن عودة ومحمد زيدان وكلاهما عركتهما التجارب، واليوم تراني أزف لك بتفاؤل أكبر خبر أن مئات الشباب والشابات الذين شاركوا في المؤتمر في ميدان حيفا عروس الكرمل، هم هم حرز أمانك وأترابك الناشئين، توجههم جمعياتنا ولجان العمل الأهلي وأحزابنا ومؤسساتنا، بما اكتسبت من خبرة ودراية في مقارعة المؤسسة ليس من أجل المقارعة بل لتحقيق الحقوق وقول كلمة الحق ورفع هويتنا عاليا في وجه كل من يحاول تشويهها، والوقوف بوجه كل من تسول له نفسه أن يسرقكم منا ويبيعكم علكم تكونوا مماليكهم وأنتم ملح الأرض وبركتها.
ومع التفاؤل الذي ورعه المؤتمر في قلبي، والمثابرة الدؤوبة للجنة مناهضة الخدمة الوطنية وكل أشكال التجند في هذا المضمار إلا أنني افتقدت يا ولدي ، وعلى منصة المؤتمر صوت شبابنا الذين فضلوا سجون الاحتلال على الخدمة المفروضة عليهم قسرا منذ أوائل الستينات...
كنت أود يا ولدي لو أتيحت الفرصة مثلا لرافض الخدمة العسكرية الإلزامية، الكاتب الشاب هشام نفاع، ليحكي  هو أو أي رافض آخر للتجنيد الإلزامي، أمام شبابنا وشاباتنا قصته ويسرد على مسامعهم تجربته في هذا المضمار، وكيف لا زالت المؤسسة تحاول "سلخه" وكل إخواننا الدروز عن العرب والعروبة، وتفصيل هوية طائفية لهم لا أكثر ولا أقل، وكأنهم ليسوا إلا طائفة لا شعب ينتمون إليه ولا امه لها تاريخ مجيد وحضارة عريقة...
أحيانا يبدو لي يا ولدي أننا نصرخ في البرية وأن لا أحد يلتفت لصراخنا لكن الشباب في حيفا أعادوا لي الأمل، الأمل الذي نعقده جميعا عليكم، وأعلم أننا كنا في حيفا نتوج مسيرة عامين إن لم يكن أكثر من العمل ضد محاولات الخدمة الوطنية، وهي مخططات تعود إلى عشرات السنين لكن نارها عادت واستعرت بعد هبة القدس والأقصى، يوم سقط 13 شابا برصاص الشرطة الإسرائيلية، لخروج للتضامن في هبة القدس والأقصى مع شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة وللإعراب عن رفضهم لمحاولات المأفون شارون تدنيس حرمة الأقصى بمباركة الجنرال المغرور براك.
تذكُر أنني قلتك في رسالة سابقة إنهم سيأتونك وأترابك بألف لبوس ولبوس ولن يعدموا الحيلة ولا الوسيلة، وقد عرفت مؤخرا أنهم يا ولدي أخذوا يستغلون مراكز صناديق المرضى لتجنيد فتياتنا وبناتنا في سلك الخدمة الوطنية تحت شعار التطوع لصالح البلدة والأهالي، مقابل بضع مئات من الشواقل شهريا، ووعد بمنح وامتيازات لمن يخدم ويتطوع!! وهم الذين كانوا يجردون حملات سلطوية ضد مخيمات العمل التطوعي في الناصرة وسخنين وكفر ياسيف، وضد معسكرات العمل التطوعي الإسلامية في أم الفحم وغيرها...

ولدي الحبيب نزار

تذكَّر يا ولدي دائما أننا أهل هذه البلاد، وان حقوقنا ليست منة منهم لنا، ولا هي عطية أو إكرامية يتصدقون بها علينا، وتذكر دائما يا ولدي أن صاحب الحق سينتصر حتما على صاحب القوة مهما كانت عاتية وان كفنا هنا يلاطم ألف مخرز ، فهكذا كان دائما وهكذا يجب أن يكون.

نضال محمد وتد
الأحد 28/10/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع