ميانمار كالعراق.. كالذهب الأسود



قدّمت الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا (الثالوث الدنس) مشروع بيان يدين احداث العنف في ميانمار الى اعضاء مجلس الامن على اثر المظاهرات الاخيرة التي شهدتها البلاد، مهددين بفرض العقوبات على ميانمار ان لم تستجب "بشكل بناء" الى المطالب الدولية!!! في سبيل التوجه السلمي الى الدمقراطية!!!
ما اشبه اليوم بالامس، نفس جوقة الوعود بالدمقراطية والتحرر ورفع مستوى المعيشة التي شبع منها شعب العراق قبل الاجتياح، فاصبح لا يجد قوت يومه بعد الاجتياح، واكتشف من نجحت الولايات المتحدة بتمويهه الى حين، وهم كثر، ان مشروعها ما هو الا مشروع هيمنة على موقع والقفز منه الى موقع آخر وآخر وآخر، تحقيقا لمشروعها الأكبر، العولمة، الهيمنة على العالم بأسره ومنع أي امكانية لتأسيس قطب ثان يمكن ان "يهدد" استراتيجيتها وخاصة اذا ما كان هذا القطب نتاج تقارب العملاقين الصيني والروسي.
لقد اختصر مشروع دمقرطة العراق بمشروع دمقرطة ضخ بترول العراق بأبخس الاثمان، وشرعنته قانونيا لزيادة ارباح المخافظين الجدد اباطرة الولايات المتحدة وارباح شركاتهم العابرة للقارات والقوميات، شركات النفط والصناعات العسكرية وغيرها.
كما العراق، كذلك ميانمار (بورما) كانت مستعمرة بريطانية استولت عليها وجعلتها مقاطعة تابعة لسلطتها في الهند في العام 1886 وتحررت منها في العام 1937... وتحاول اليوم العودة اليها ولو كشريك مذدنب.
كما العراق، كذلك ميانمار تمتلك الكثير من الكنوز الطبيعية على رأسها النفط ومناجم الفحم المؤمّمة، ما يسيل اللعاب السام لبوش الابن.
فلو كان ما يقلق بوش والمتذيّلين لمشروعه الاستعماري، ساركوزي وبراون، خوفه على الدمقراطية المفقودة في ميانمار، لكان اولى بهم، بدءاً ذي بدء، اجتثاث حلفائهم في الشرق الاوسط، انظمة الحكم العربية الرجعية، بدل تحصينهم في وجه حراك  شعوبهم  الساعية للتحرر من نيرها والمتطلعة الى الدمقراطية الحقّة والعيش الكريم. ولكن ما دامت هذه الانظمة تؤمّن سيطرة الولايات المتحدة على مقدراتها الطبيعية، على البترول، الذهب الاسود، فان مشروعها غير المعلن يصبح تفضيل وحماية الطغاة.
اذن، هي ليست الديمقراطية المفقودة بوصلة حراكهم السياسي، وانما ارباح النفط المنشودة، ومحاصرة المارد الصيني قبل خروجه من القمقم من خلال السيطرة على مصادر الطاقة لتجفيف شرايينه.
ولذلك، فان اعتبار الصين بيان الثلاثي الدنس (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) تدخلا في الشؤون الداخلية لميانمار هو عين الصواب، وعلينا الا نقع بدورنا في فخاخ امريكا.
نحن نثق في الشعوب وتطلعاتها الانسانية، ونريد للشعب في ميانمار نظاما دمقراطيا تقدميا يرفع من مستوى معيشته، ويتناسق مع تطلعاته نحو المستقبل، نحو التقدم والعدالة الاجتماعية. ولا نريد له دمقراطية جرح النفط النازف الامريكية. ولنا في العراق عبرة.

الاتحاد

الأحد 7/10/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع