زلـزال البيـرو وفيضانـات آسيـا تـضـرب الـفـقـراء



يتفق غالبية علماء العالم، من كافة القوميات، على أن الكوارث الطبيعية الأخيرة، باستثناء الزلازل، سببها ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي ظاهرة صنعتها يدا الإنسان، أو للدقة الإنسان برأسماليته المفرطة، وتنكره لحقوق الانسان والطبيعة والبيئة، وما إلى ذلك، ولا يهمه سوى الربح، وأكثر ما يمكن منه.
ويقول قائل من تكرار الكوارث الطبيعية، وازدياد شراستها، مع استثناء الزلازل، لأنها ظاهرة أزلية، وجدت بظهور الكرة الأرضية، وهي نتاج عوامل جيولوجية، أن الطبيعة "ترد" الصاع صاعين على البشر، بصفتهم المسؤولين عما آلت إليه أوضاعها. ويقول الغيبيون أن هذه الكوارث ليست سوى "انتقام إلهي" ردًّا على الفجور والانحلال اللذان سيطرا على البشرية جمعاء.
ويعتبر هذان التفسيران، أسهل تفسيرين يمكن للبشر تبنيهما لما يحصل، فها هي آسيا تغرق، ومن قبلها غرقت شطر من أوروبا، وعانى شطر آخر موجة حر عاتية. وبطبيعتنا البشرية، التي تخاف الغيب، فإن أهون التفسيرات هي ما ذكر. ولكن دعونا نترك الآلهة جانبًا، ودعونا لا نحمّل الطبيعة وزر "شرورنا"، فما يحصل من كوارث له تفسير واحد ووحيد.
التفسير الأكثر منطقية هو أن الطبيعة لا يمكنها أن تحتمل ما يقوم به البشر، والرأسماليون تحديدًا، لذا فإن هذه الكوارث ليست إلا رد فعل علمي على ممارسات الإنسان.
ولا يمكن للطبيعة أن تنتقم، ولا يمكن للإرادة الإلهية أن تتمرد، خاصة وأن الضحايا هم من الفقراء، فإذا أرادت الطبيعة أن تنتقم، عليها الانتقام من وحوش رأس المال، وإذا كان للإرادة الإلهية أن تصب جام غضبها فعلى المجرم الحقيقي، ولكن الضحايا كلهم من الفقراء والمسحوقين.
علينا الصراخ في وجه الغيبيين الشامتين وفلولهم، وفي وجه الخاضعين وجحافلهم، أن اصمتوا، فالمجرم معروف، وعلى كل البشر محاسبته، خاصة وأنه ينعم في قصور الرخام وفي فراش الحرير، غير مهتم سوى لجيبه والكمية التي يمتلئ بها، متناسيا أن ما يرتكبه من جرائم بحق هذا الكوكب سيقضي على كل الجنس البشري، وهو من ضمنه، قريبًا جدًا. المجرم معروف، وعلى بني البشر محاسبته، فهو يحرق أرضنا، ويسلبنا الهواء النقي والماء الصافي. فلنحاسب الرأسمالية على جرائمها.

الاتحاد

السبت 18/8/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع