ابتزاز بغطاء "بوادر حُسن النيّة"!



يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي نحو 11 ألف أسير. وكما تفيد مؤسسة نادي الأسير، فإن 64 منهم يقبعون خلف القضبان منذ ما يفوق 20 عامًا، أي منذ الانتفاضة الأولى. هؤلاء الأسرى جميعًُا يضمّون قيادات سياسية ومقاوِمة وشعبية واجتماعية، وبالتالي فإنهم يشكلون أكبر جمهرة من القيادات والكوادر الفلسطينية المناضلة.
وعلى الرغم من أن جهاز الاحتلال الاسرائيلي يعتبرهم "إرهابيين"، يجب التأكيد لكل من يتغابى في هذه الدولة، أنهم لم يقاوموا ولم يناضلوا من فراغ، بل بسبب الجريمة الكبرى المستمرة في هذه البلاد: الاحتلال الاسرائيلي؛ وإن كثيرين منهم سيكونون قادة الغد.
بعد سلسلة من التطوّرات الأخيرة، السياسية والميدانية، خصوصًا ما شهده قطاع غزة من أحداث وسلوكيات خطيرة، أطلقت حكومة اسرائيل ما تسعى لتسويقه كـ"بادرة حسن نيّة". وهي تتمثل باطلاق سراح 250 أسيرًا فلسطينيًا. لن نتوقف عند العدد الهزيل، فمع أن كل أسير هو قضية بحد ذاته، تظل قضية الأسرى قضية واحدة متماسكة. لكن الحكومة الاسرائيلية تحاول، بالتصريح والتسريب والترويج، تفتيتها وجعل خطوة الافراج أداة للابتزاز. فهي تقول إنه ستكون هناك عمليات افراج جديدة، طالما رأت سلوكًا فلسطينيًا "معتدلا". وهي تقصد ذلك الاعتدال الأعوج، سواء بتعريفه أو بما هو مُرادٌ من ورائه، لأنه "اعتدال" يعني "الاعتقال" في مشاريع واشنطن!
بالاضافة الى ذلك، فإن حكومة الاحتلال تستغل هذه الخطوة لتعميق الشقاق في الصفوف الفلسطينية، فتنتقي بلؤم سافر، أسرى من فصائل محددة وتقوم بإعلان ذلك، بغية رفع استثماراتها من الاقتتال الفلسطيني-الفلسطيني المؤسف الى أعلى الدرجات. في الوقت نفسه، تشير التقديرات الى أن الغالبية الساحقة من الأسرى المخطّط الافراج عنهم، قد اقتربوا من نهاية مدة محكومياتهم، أي يـُفترض الافراج عنهم في غضون فترات مختلفة قريبة. هنا، يتبيّن مرة أخرى أن الخطوة الاسرائيلية جاءت لأغراض التسويق الخارجي، وخلط الأوراق، لغرض الظهور بمظهر مَن يقوم بـ"مبادرات حسن نيّة"، بينما يواصل فرض احتلاله المجرم وتأبيده.
لكن هذا السلوك الاسرائيلي ليس جديدًا. وهو مفضوح لكل قادر على التعلم من التجارب. ونحن على ثقة بأن المجرّبين في السلطة الفلسطينية سيقولون الأمور بوضوح. بالطبع، لا يمكن بل ومن المحظور التحفّظ من، أو معارضة اطلاق سراح أي أسير فلسطيني، ولكن يجب في الوقت نفسه مواجهة وكسر المحاولات الاسرائيلية لتحقيق مكاسب سياسية على ظهر قضية أي أسير. وقد أصاب أحد القياديين الفلسطينيين، أواسط الأسبوع، حين وصف السلوك الاسرائيلي الراهن بأنه "غبيّ كما عهدناه"، مؤكدًَا أن سلطات الاحتلال لم تُجرِ أي اتصال بهذا الشأن مع أية جهة فلسطينية رسمية، بل تواصل النهج أحادي الجانب.
إن الأسرى يشكلون أحد الملفات المركزية في أية تسوية أو انفراج ممكن. ويجب مواصلة الالتفاف الشعبي والوطني حولهم حتى يتحقق حل عادل وحقيقي لقضيتهم: الإفراج الكامل عن جميع أسرى الحرية.

(الاتحاد)

الجمعة 6/7/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع