لا يمكن السماح بتمرير مخططات نهب جديدةتـحـيـّـة كـفـاحـيـة لكـفـر قـاسـم
مظاهرة التصدّي الليلية للهدم في كفر قاسم، ليلة أول من أمس، هي رمز مُنير. وإضافة الى ما تعنيه من معنى كفاحي بحدّ ذاتها، فإنها الفعل الذي يجسّد درب هذه الجماهير المتمثّل بالكفاح الشعبي العريض الذي يواجه ويصرّ على انتزاع الحقوق. فالسلطات الاسرائيلية تسعى الى نهب المزيد من أراضي هذه القرية التي باتت تشكّل عنوانًا مضيئًا لمعنى البقاء رغم أبشع الجرائم بحقها. فعلى الرغم من المجزرة البشعة التي اقترفتها عقليات وأيدٍ اسرائيلية رسمية، قبل نصف قرن ونيّف، لم تُكسر إرادتها ولم تنحنِ قامتها، وما انفكّت تثبت أنها تتقن المواجهة والعمل الكفاحيّ للحفاظ على حقوقها ودفعها الى الأمام. فبلدية راس العين، مسنودة بسلطات "التخطيط" (سلطات تخطيط المصادرة وخنق جماهيرنا!)، تسعى للاستيلاء على أراضٍ بملكية أهالي كفر قاسم تقع تحت نفوذ راس العين. وضمن هذا المخطط صدرت أوامر بهدم أربعة من بيوت القرية، فما كان من الأهالي بمختلف هيئاتهم الشعبية والتمثيلية إلا أن احتشدوا في مظاهرة ليلية ليعلنوا الموقف الثابت والمشرّف: لن نسمح بنهب المزيد من أرضنا مهما كانت الذرائع؛ وعلى أرضنا سنبني بيوتنا! لم يختلف جوهر السياسات الاسرائيلية فيما يتعلق بأراضي الجماهير العربية، وإن تبدّلت الأساليب وتغيّرت، وإن ارتدت ألف لبوس ولبوس. فلا يزال الجوهر هو سحب أراضي العرب من تحتهم، لخنقهم في مسطّحات ضيقة يُصبح فيها التطوّر شبه مستحيل. فمن اعلان المناطق العسكرية المغلقة، مرورًا بالمناطق المسمّاة محميات طبيعية، وحتى المصادرات "لأغراض عامة"، لم يختلف الهدف. ولكن، بالمقابل، من جهة جماهيرنا لم تختلف المعادلة أيضًا. فقد ثبت بالتجربة أن النضال الشعبي وفنون المواجهة الكفاحية هي الطريق لصدّ وإفشال تلك المحاولات السلطوية الساقطة. من هنا، فإن قضية بيوت كفر قاسم وأراضيها هي قضية كل جماهيرنا العربية. وهي أيضًا قضية تستدعي استقطاب التضامن الفاعل من القوى اليهودية الديمقراطية، لأنها جزء من المعركة ضد مواصلة ضرب الحقوق الأساسية. إننا على ثقة، أن أهالي كفر قاسم، وجماهيرنا عمومًا، ستكون قادرة على صدّ مخطط النهب هذا، طالما أن الكفاح بمختلف أشكاله، الشعبي والسياسي والقضائي، هو الوسيلة وهو النهج. يجب على سلطات هذه الدولة، وعلى هذه الحكومة التي تتخبّط في أزماتها، أن تعلم أنه لا يمكن السماح بتمرير مخططات نهب جديدة، لأن هذه الجماهير العربية قرّ قرارها منذ عقود طويلة، على أنّها مصرّة على البقاء والتطوّر في وطنها الذي لا وطن لها سواه. ولن تُجدي جميع محاولات التضييق والخنق. بل على العكس، فالمعركة هي أيضًا على كسر جدران التضييق عبر استعادة ما صودر من أراضٍ. وليعلم الجميع أن نفـَس هذه الجماهير طويل وعزيمتها قويّة، بل تزداد قوّة وتتفولذ في كل محطة كفاحية جديدة. (الاتحاد)الأربعاء 9/5/2007 |