لا يمكن التعويل على امبريالية واشنطن ورجعية الزعامات العربية التي في حظيرتها
غـبــار رايـــس وعـيــون الـعــرب !



نقلت بعض وسائل الإعلام صباح أمس، وبالبث المباشر، المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة خارجية النظام الأمريكي، كوندوليزا رايس. وفي الحقيقة، إن بلاغات الوزيرة كانت مباشرة أيضًا. خصوصًا في كل ما يتعلق بالانحياز السّافر الى جانب الاحتلال الاسرائيلي.
ففي استنساخ للمطلب الاسرائيلي بوجوب "التطبيع قبل التفاوض"، أي وضع العربة أمام الحصان وعلى بعد فراسخ منه أيضًا، "حثّت" رايس الدول العربية على "مصالحة إسرائيل والانفتاح عليها لطمأنتها وتشجيعها على الانسحاب". الرسالة واضحة: انفتاح عربي فيما يتواصل الاحتلال الاسرائيلي. فالاحتلال هو الضحية حسب المنطق الأمريكي الرسمي وهو من يحتاج الى "طمأنة". وليس كما هو: نظام اعتداء عسكري مجرم بحق الأرض والانسان والشجر في المناطق الفلسطينية المحتلة، وفي الجولان السوري المحتل أيضًا.
لم تكتفِ مبعوثة نظام الحرب الأمريكي بهذا، بل انها قبلت علانية بالموقف الاسرائيلي الساعي الى اغتيال قضايا الحل الدائم، حقوق اللاجئين والقدس العربية المحتلة وفك جميع المستوطنات. وهو ما كان عبّر عنه صراحة رئيس الحكومة الاسرائيلي ايهود اولمرت، في محاولة لإبقاء المسائل تدور في مربعات مغلقة وبسرعة السلحفاة، بغية تأبيد أكثر ما يمكن من مشاريع الاحتلال.
فالسيدة رايس غير قلقة بالمرة على هذه القضايا، لأن مصالح الشعب الفلسطيني لا تقلقها ولا تهمها، وكل همها رعاية مصالح ذراعها السياسية والعسكرية، اسرائيل. هذا ليس استنتاجًا فحسب، بل ما عبرت عنه صراحة، أمس، بالقول: إن الوقت لم يحن بعد لإجراء مفاوضات حول "الوضع النهائي" بين الإسرائيليين والفلسطينيين! وأنها "غير قلقة" من عدم تحقق السلام خلال وجودها في منصبها متذرّعة بأن الصراع مستمر منذ أربعة عقود. هكذا يتم قلب المنطق، فبدلا من ان يتم الاسراع في الحل بسبب تراكم سنوات الصراع الدامية، يصبح هذا هو المبرّر لترك مربعات سفك الدماء مفتوحة. رايس غير قلقة، وهذا أشدّ ما يثير القلق! وانعدام قلقها يشير الى "وزن الريشة" الذي توليه للزعامات العربية.
إن كل هذا يُقال قبل توجُّه مبعوثة النظام الأمريكي لالتقاء أنظمة الدول العربية. هذه هي صفعة جديدة مستهترة بتلك الأنظمة التي ستجتمع في قمة الرياض. هل سيشعر أحد بالإهانة؟ سؤال استنكاري.
إن الولايات المتحدة تذرّ الرماد في العيون. وهي تحاول خلق وهم عملية سلمية، خدمةً لأهداف أخرى، منها التغطية على ورطتها في العراق المحتل، وتوسيع رقعة العدوان والحرب والقتل والسيطرة في المنطقة، عبر جرّها الى مواجهة جديدة تكون طهران في مركز نيرانها، والتي لن تنحصر في البقعة الايرانية.
لقد علمتنا التجربة التاريخية أنه لا يمكن التعويل على امبريالية واشنطن ورجعية الزعامات العربية التي في حظيرتها. فحقوق الشعب الفلسطيني التي لا تشعر رايس بأي قلق تجاهها، هي حقوق ثابتة لا يمكن التفريط بها. ولهذه الحقوق، بحكم التجربة أيضًا، شعب صامد مناضل بطل يحميها. وستظل وحدة الشعب الفلسطيني الكفاحية هي الصخرة التي تتكسّر عليها جميع محاولات اغتيال قضيته. وسيظلّ سلام الشعوب بحق الشعوب، وستسقط كل المراوغات والاملاءات والمؤامرات.

(الاتحاد)

الأربعاء 28/3/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع