كلمة <<الاتحاد>>:
فيتو في خدمة ودعم الابرتهايد!

تُظهر الادارة الامريكية الحالية، برئاسة جورج دبليو بوش وقوى اليمين المغامر، للمرة التي لا تعد ولا تحصى مدى العداء الذي تكنه للحق الفلسطيني وللسلام العادل في المنطقة. فأمس الاول لجأ المندوب الامريكي في مجلس الامن الدولي الى استخدام حق الرفض (الفيتو) لافشال مشروع القرار العربي، الذي تقدم به المندوب السوري وصوّت الى جانبه عشرة اعضاء من مجلس الامن، الذي يدين قيام الاحتلال الاسرائيلي ببناء جدار العزل العنصري وبناء ستمائة وحدة سكنية في المستوطنات الكولونيالية ويطالب حكومة شارون اليمين بوقف البناء والاستيطان.

ان اللجوء الى استخدام سلاح الفيتو لا يعني سوى توفير الغطاء الامريكي للمحتل الاسرائيلي ليواصل بناء جدار الابرتهايد الذي يمزق اوصال الوحدة الاقليمية لاراضي الضفة الغربية المحتلة وينسف ادعاءات بوش حول رؤيته لدولتين متجاورتين - اسرائيل وفلسطين، كحل دائم للصراع الاسرائيلي - الفلسطيني. فتوفير الفيتو الامريكي في خدمة ودعم مشروع الابرتهايد الاستيطاني الاسرائيلي في المناطق المحتلة الفلسطينية يعني تماثلاً امريكيًا رسميًا مع موقف حكومة الكوارث اليمينية الشارونية في مواصلة التصعيد العدواني الدموي ووضع العراقيل التي تغتال الآمال بالتوصل الى تسوية سياسية توقف نزيف دم الصراع. كما ان استخدام الفيتو الامريكي لمنع اتخاذ قرار من هيئة الشرعية الدولية يلجم العربدة الاستيطانية الاسرائيلية لا يعني سوى لجوء ادارة بوش - تشيني - رامسفيلد - رايس الى افراغ "خارطة الطريق" من مضمونها. فخارطة الطريق التي تتبناها الادارة الامريكية لفظيًا تدعو المحتل الاسرائيلي الى وقف جميع اشكال الاستيطان.
صحيح انه بالامكان تجاوز الفيتو الامريكي في مجلس الامن بنقل الموضوع للاقرار في الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة لتحديد موقف المجتمع الدولي من العدوان الاستيطاني الاسرائيلي المدعوم امريكيًا. وان اتخاذ قرار يطالب المحتل بوقف بناء جدار العزل العنصري ووقف الاستيطان مضمون بكسب تأييد شبه اجماعي في هذه الهيئة وبمعارضة تحالف الشر العدواني الاسرائيلي - الامريكي، وخادم سياستها مندوب دولة "ميكرونيزيا العظمى"! هذا صحيح، ولكن هل كان من الممكن ان تلجأ الادارة الامريكية الى هذه الوقاحة السافرة في دعم جرائم المحتل الاسرائيلي والاستهتار "بالعالم العربي الكبير" الى درجة البصق في وجوه غالبية انظمتها لو وقف العرب دفاعًا عن كرامة شعوبهم الوطنية ومساندةً وتضامنًا حقيقيًا مع شعب شقيق، الشعب الفلسطيني، الذي يواجه عملية اغتصاب متواصلة امام انظار انظمة اختارت افتراش المقاعد في مدرج المتفرجين!! هل تجرؤ هذه الانظمة على مواجهة التحدي الامريكي العدواني الجديد حتى بأضعف الإيمان، بهز الرسن له؟ لا ننتظر الجواب المعروف سلفًا. ولا ينتظر الشعب الفلسطيني الجواب، فاعتماده على صموده الاسطوري اولا وعلى تمسكه بقضيته العادلة التي يمهرها بالثمن الغالي كفيلان بدحر المعتدين وفيتو المجرمين.

("الاتحــاد")
الخميس 16/10/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع