يوم الارض هو من صنع الجماهير التي انتفضت دفاعا عن الارض وعن البقاء
حول "يوم الارض" 30/3/1976



يوم الارض الذي صنعته جماهير شعبنا بقيادة حزبنا الشيوعي، سيبقى دائما صفحة خالدة في تاريخ معركة البقاء والدفاع عن الارض. نسمع احيانا تصريحات توعز ان يوم الارض قد جاء قرارا من تلك المنظمة او تلك الجهة او من قبل فلان او صنعه علان، فهذه ادعاءات فيها الكثير من التعالي على الحزب وعلى الهيئات الشعبية اصحاب الدعوة والقرار.
فكرة اعلان يوم الارض ومعه الاضراب العام، اختمرت عبر نشاطات جماهيرية متعددة منذ ان اعلنت الحكومة مشاريع المصادرة الكبرى في الجليل في مطلع 1975.
وفي 15/8/1975 عقد اجتماع جماهيري كبير في الناصرة ضم المئات من الشخصيات العربية واليهودية ورؤساء واعضاء سلطات محلية وعمال وفلاحين وطلاب وخريجين واعضاء كنيست من مختلف الانتماءات السياسية. وفي هذا الاجتماع تأسست لجنة الدفاع عن الاراضي العربية. وانتخبت لجنة تحضيرية تعد لعقد مؤتمر شعبي كبير، وقد انعقد فعلا في 18/10/75 في سينما الناصرة بالناصرة، حضره عدد كبير من الشخصيات واعضاء الكنيست والرؤساء، وبرز فيه مشاركة دمقراطية يهودية عديدة.. واتخذ المؤتمر عدة قرارات نددت بسياسة المصادرة. وناشد المؤتمر السلطات المحلية العربية القيام بكل عمل مشروع دفاعا عن الارض في قراها ومدنها.
وفي 14/2/1976 عقد مؤتمر شعبي في مدرسة سخنين الثانوية حضر حوالي الخمسة آلاف شخص واعضاء الكنيست توفيق طوبي وتوفيق زياد وحماد ابو ربيعة وعدد من المحامين والمثقفين والطلبة ووفود الفلاحين والعمال من مختلف انحاء البلاد. وفي هذا الجو المشحون بالاستنكار الشعبي لخطوات المصادرة التعسفية واتساع حلقة احتجاج الجماهير اليهودية، قرر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمل من اجل اعلام وتنظيم اضراب عام احتجاجي تقوم به الجماهير العربية لدعم المطالبة بالغاء قرار المصادرة الظالم، وطلب من اعضاء الحزب العاملين في مختلف الهيئات الشعبية العمل من اجل اعلان الاضراب وانجاحه.
وفي 6/3/1976 عقدت لجنة الدفاع عن الاراضي اجتماعا موسعا في الناصرة دعت فيه الى اعلان الاضراب العام في يوم الثلاثاء 30/3/1976 احتجاجا على سياسة مصادرة الارض العربية والى تنظيم الوفود الشعبية والقيام بمظاهرة امام الكنيست في القدس لدعم المطالبة بالغاء اوامر مصادرة الارض العربية.
(هذا الجزء الثاني من القرار – المظاهرة امام الكنيست في نفس يوم الارض – الغي فيما بعد). وللتركيز على انجاح الاضراب العام تقرر ابقاء العاملين المركزيين في قراهم قريبين من جماهير الشعب.
وفي 8/3/1976 نشرت في "هآرتس" عريضة موجهة الى حكومة اسرائيل وقع عليها العشرات من الشخصيات اليهودية مطالبة الحكومة بالغاء اوامر المصادرة وتؤكد على حق المواطنين العرب بالاضراب في وجه التحريض العنصري ضد الجماهير العربية.
وعقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في 20/3/1976 دورتها الـ 24 وفي قرار خاص دعت القوى الدمقراطية والجماهير العربية الى انجاح اضراب يوم الارض.
ومع انتشار قرار الاضراب والتجاوب الجماهيري معه وبدء التنظيم الواسع له اشتدت مقاومة السلطة للاضراب، بالتحريض والتهديد من جهة، وبتجنيد الاعوان للدعوة لالغاء الاضراب. وفي ظل هذا النشاط السلطوي عقد اجتماع رؤساء السلطات المحلية العربية في شفاعمرو يوم الخميس 25/3/1976. وقدم عدد من الرؤساء الموالين للسلطة اقتراحا بالغاء الاضراب. وجوبهوا بمعارضة عدد من الرؤساء وممثلي السلطات المحلية منهم توفيق زياد (الناصرة)، حنا مويس (الرامة)، محمد محاميد (ام الفحم)، يونس نصار (طرعان)، محمود نعامنة (عرابة)، اسعد يوسف كنانة (يافة الناصرة)، جمال طربيه (سخنين)، حسن محمود خطبا (الرينة)، محمد زيدان (كفر مندا)، امين عساقلة (المغار)، احمد مصالحة (دبورية)، وعارض هؤلاء مؤامرة الغاء الاضراب وانكروا على رؤساء المجالس، الذين طلبوا الغاء الاضراب، حق الدعوة لذلك، فصاحب الدعوة ومنظمها هو لجنة الدفاع عن الاراضي. وكانت جلسة صاخبة وقف فيها توفيق زياد ورفاقه وقفتهم الشجاعة.
وكان التدخل البوليسي ضد المظاهرة الشعبية التي انتظمت في شفاعمرو خارج قاعة اجتماع الرؤساء، وكانت اعتقالات وارهاب وتحريض سلطوي وتهديد في وسائل الاعلام، وفي جو النشاط السلطوي المسموم والتهديد ضد الجماهير والعمال والمستخدمين بدأت تظهر بعض اصوات التردد بالنسبة للاضراب. وكان هناك من بين صفوفنا من دعا الى "التريث" واعادة النظر في قرار الاضراب. في هذا الجو دعي عدد من رفاق الحزب النشيطين مركزيا للتداول. وعقد اجتماع داخلي مستعجل يوم الجمعة 26/3/1976 في حيفا، في بيت رفيقنا الرسام عبد عابدي القريب من مكاتب "الاتحاد". وحضر الاجتماع الرفاق: ماير فلنر، اميل حبيبي، اميل توما، صليبا خميس، سليم القاسم، جمال موسى، رمزي خوري، حنا نقارة وتوفيق طوبي. وكانت مداولة مختصرة استبعدت كل دعوة لالغاء او تأجيل الاضراب. واقرت خطوات اضافية لتنشيط الاستعداد للاضراب وللتصدي للاجراءات القمعية ولانجاح الاضراب.
وفي يوم الثلاثاء 30/3/1976 منذ الصباح الباكر كان مكتب جريدة "الاتحاد" في حيفا (المكاتب الحالية في شارع الحريري) مركزا لاستقبال المعلومات حول سير الاضراب. وجاءت انباء المجزرة في سخنين وعرابة وبعد ذلك في كفر كنا والطيبة الى جانب انباء اجراءات السلطة القمعية وشمولية الاضراب. وعلى خلفية احداث يوم الارض التاريخية تقدمت كتلة الحزب الشيوعي في الكنيست بطلب نزع الثقة عن الحكومة وكانت تلك الجلسة احدى الجلسات التاريخية الصاخبة في حياة الكنيست.
ان يوم الارض هو من صنع الجماهير التي انتفضت دفاعا عن الارض وعن البقاء في الوطن، صنعته بالقيادة الحكيمة الشجاعة التي كفلها الحزب الشيوعي الاسرائيلي مرتبطا وقائدا للجماهير العربية في اسرائيل.

*عن كتاب "جذور من الشجرة دائمة الخضرة"، الذي أعده رئيس تحرير "الاتحاد" الرفيق د. أحمد سعد*


بيان لجنة الدفاع عن الاراضي حول اضراب يوم الارض الخالد 30 آذار 1976
ألمجد لشهداء الكفاح من اجل الارض والحقوق المتساوية

يا جماهير شعبنا العظيم!
لقد انقضى يوم 30 آذار "يوم الارض"، يوم الاضراب الشامل الذي اعلنته جماهير شعبنا ليوم واحد في قرانا ومدننا في الجليل والمثلث استجابة لنداء اللجنة القطرية للدفاع عن الاراضي العربية.
لقد اردنا وارادت جماهير شعبنا ان يكون اضرابها المشروع هذا اليوم اضرابا سلميا وهادئا هدفها منه التعبير عن معارضتها مشاريع مصادرة ما تبقّى لقرانا العربية من ارض وضد سياسة التمييز ومن اجل المساواة، ولكن السلطات التي ارهبها اعلان الاضراب، اتخذت جميع الاجراءات المسبقة واعلنت عن عزمها على تحطيم الاضراب باستعمال منتهى اساليب العنف. فمنذ يوم امس استكملت انتشار قواتها من شرطة وحرس حدود وجيش مدججة بالسلاح ومزودة بالمجنزرات والآليات وحولت يوم اضرابنا السلمي الى مذبحة حقيقية، لقد تحول يوم 30 آذار الى يوم مشهود في تاريخ شعبنا اثبتت فيه جماهيرنا بالاضراب الشامل والمظاهرات والمسيرات وتحدي الاستفزاز والتصدي للعنف عن تمسكها بارضها وكيانها وحقها في الوجود في وطن الآباء والاجداد. ان المجزرة البشعة انما تطرح بقوة اكثر امام جميع المحافل وعلى اعلى المستويات محليا وعربيا وعالميا، قضية شعبنا ونضاله العادل ضد التمييز القوي ومن اجل حقه في العيش الحر في وطنه.
ان اللجنة القطرية اذ تُحيّي جماهير شعبنا ولجانه المحلية للدفاع عن الارض ورؤساء واعضاء المجالس المحلية الذين صمدوا في هذه المعركة رغم كل عنف وارهاب، فانها تحمّل الحكومة مسؤولية الدماء المراقة والاعتقالات الجماعية والاعتداءات على المواطنين العزل وممتلكاتهم.
ان اللجنة القطرية للدفاع عن الاراضي تجدد مطالبها بالغاء اوامر مصادرة اراضي العرب في اسرائيل التي تتم بمختلف الاساليب والاعذار، كما تطالب بكل شدة والحاح باقامة لجان رسمية وشعبية للتحقيق في جرائم القتل والاعتداء التي ارتكبت ضد المواطنين العزل في الجليل والمثلث ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
واللجنة اذ تمجد ارواح شهدائنا البررة، شهداء الارض الذين سقطوا في معركة الكرامة، تشارك شعبنا الصابر الصامد فوق ارضه، الحزن والتصميم على متابعة هذا النضال في سبيل حقوقنا العادلة كي لا تذهب دماؤهم الزكية هدرا. وتتمنى للجرحى الذين نزفت دماؤهم الزكية الصحة والسلامة.
ان جماهير شعبنا مطالبة الآن بان تتمسك بوحدة الصف التي تجلت في يوم الاضراب اكثر من أي وقت مضى، لكي تتمكن من الاستمرار في الكفاح بهدوء وحكمة من اجل اهدافها العادلة.
وسيبقى يوم الثلاثين من آذار يوما ناصعا مجيدا في سجل تاريخ شعبنا النضالي.
- عاش نضال شعبنا للمحافظة على ارضه وكيانه.
- المجد والخلود لارواح شهداء الثلاثين من آذار.
- الخزي والعار لقتلة المواطنين العرب.

*عن كتاب زاهي كركبي: "يوم الارض – يوم النضال من اجل الارض والبقاء" – (اصدار معهد اميل توما)*

توفيق طوبي
السبت 24/3/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع