ويأتيك بأخبار أولمرت "من لم تزوّد"!

الخبر البارز الذي انفردت به صحيفة "هآرتس" أمس، حول اعترافات رئيس الحكومة اولمرت امام لجنة فينوغراد للتحقيق في الحرب الاخيرة على لبنان، ومسؤولية الحكومة والجيش عن الاداء الفاشل في ادارة الحرب وتعثرها المهين في تموز وآب المنصرمين، امام المقاومة اللبنانية، قد تحول بسرعة من مهرب الى فضيحة سياسية واخلاقية، طالما انكرها قادة اسرائيل السياسيون والعسكريون وتستروا عليها.
لقد وجد أولمرت نفسه في مأزق في ظل انغماسه في دفع تهمة الانهراق الفج والموتور والمتسرّع لاعطاء الاوامر للخروج الى حربه الفاشلة على لبنان، وهو اتهام تواجهه به لجنة التحقيق، اضطره الى الاعتراف، بان قرار الحرب، لم يتخذه بعد اختطاف الجنود الاسرائيليين في 12 تموز، وانما كان قرارا جاهزا ومحسوما منذ آذار 2006، مدعيا ان هذا الاختطاف كان لا بد ان يأتي".
وفي اطار الجهود التي بذلها اولمرت لإبعاد تهمة "القرار الطائش" عنه، اعترف بان قرار الخروج الى الحرب على لبنان، قد تم مبدئيا قبل ان يغط رئيس الحكومة السابق شارون في غيبوبته. ثم اعيد بحثه لاحقا بشكل عملي اكثر في الفترة التالية التي كان لا يزال فيها شاؤول موفاز وزيرا للامن. واكثر من ذلك فان تفاصيل العدوان وادواته، والخطة العسكرية لتنفيذه جوا وبرا وبحرا كان قد تم وضعها في نهاية آذار، وقد جرى تنفيذها بدقة من قبل القوات الاسرائيلية المعتدية بعد اشهر من ذلك.
لقد اعترف رئيس الحكومة المحشور في الزاوية بان زعيمه السابق شارون، كان قد طالب بتحضير بنك للاهداف الاستراتيجية المدنية والعسكرية في لبنان من اجل ضربها. واذا كنا سألنا في حينه لمن هذه الحرب المجنونة؟ فقد اعترف اولمرت بانه حمل قرار المؤسسة الاسرائيلية السياسية والعسكرية معه الى البيت الابيض في ايار 2006، وتداول في الموضوع مع سيد البيت الابيض، واعتبر اولمرت امام لجنة فينوغراد، ان الهدف السياسي والمحدد سلفا ومنذ آذار 2006 للعدوان الاسرائيلي على لبنان، هو فرض تطبيق قرار محلس الامن 1559 (الامريكي الملامح) والمفروض امريكيا، ولم تكن قضية اعادة الجنود المخطوفين الا ذريعة ومبررا للعدوان المبيت سلفا.
ان صورة الدور الاسرائيلي التابع في خدمة المصالح الامريكية في المنطقة، سيكتمل عندما نضيف الى اعترافات اولمرت، ما كانت تداولته وسائل الاعلام عن لقاء تقريع بين وزيرة الخارجية الامريكية رايس، وبين فؤاد السنيورة في نيسان 2006، عبرت الوزيرة خلالها عن امتعاضها من عجز الحكومة اللبنانية عن تنفيذ قرار مجلس الامن 1559، وحذرته منتهرة، انه اذا كانت الحكومة اللبنانية عاجزة عن تنفيذ قرار مجلس الامن المذكور، فان قوى اخرى في المنطقة ستقوم بذلك!
ان هذه المعطيات النوعية، والاعترافات الفاضحة، تعيد الى الاذهان، الحقيقة الساطعة، بان الحزب الشيوعي والجبهة، وجريدتهما "الاتحاد"، كانزا الصوت المتميز منذ اللحظة الاولى على الساحة الاسرائيلية، والذي دحض خديعة الحكومة الاسرائيلية التي ادعت بانها تخوض حربا دفاعية، ولاستعادة المخطوفين، فقد دعونا الى رفض المحاولات الرسمية لبناء اجماع على دعم هذه الحرب وتبرير العدوان، وعملنا على تمزيق الاقنعة عن سياسة اسرائيل في خدمة الاهداف الامريكية، واكدنا ان الحرب مبيتة، ودعونا الجمهور الاسرائيلي الى تبني الشعائر "لن نموت ولن نميت في خدمة الولايات المتحدة الامريكية" وبرامجها العدوانية الاستراتيجية في المنطقة. ومن حقنا ان نطالب اليوم، وفي ظل فضائح اولمرت، تلك القوى المحسوبة تقليديا، على معسكر السلام، وخصوصا في اوساط اليسار الصهيوني، التي هاجمت الموقف الشجاع والمسؤول الذي قاده الحزب الشيوعي والجبهة ضد الحرب، وضد وهم "الحرب الدفاعية" وضد خداع حكومة اولمرت والاجماع الصهيوني المزيق الذي اعتمدته ، تبريرا لارتمائها في احضان الاستراتيجية العدوانية الامريكية في المنطقة، من حقنا ان نطالبها بالاعتراف ببؤس سياستها، والاعتذار امام شعبها على الاقل، انها تبلغ الطُعم العدواني مرة بعد اخرى، وتبلع طعم حكومات الحرب، وان الكم قد يتحول الى كيف، عندما يكون الفشل في الموقف من قضايا مصيرية كهذه.
ان حل الانتقادات الواسعة على الساحة الاسرائيلية التي تخنق حكومة اولمرت بيرتس تحتج على تعثر الحكومة في ادارة الحرب الاجرامية على لبنان، وتشد في تحقيق الاهداف العسكرية والسياسية المحددة لها، ان التحدي الكبير المطروح الآن امام قوى السلام الحقيقي ليس بسبب فشلها في ادارة الحرب، بل بسبب قرارها شن حربها. وتعميق الوعي الى ان الحروب العدوانية ليست قادرة على حل اية مشكلة، بل هي المشكلة التي يجدر بها حلها ومنع اللجوء اليها.

("الاتـــــــــــــــحـــــــــاد")

السبت 10/3/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع