لب الصراع وفرصة الحل!

الحراك السياسي المتسارع الذي تشهده الساحة الشرق اوسطية والساحة الدولية، بشأن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، يحمل معان كبيرة، ليس بشأن القضية الفلسطينية وحدها، بل بشأن المصير الذي آلت اليه المخططات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وتعثرها في أشبه ما يكون "بالعتمة التي لم تأت على قد يد الحرامي" وأن "الحرامي" الدولي، الذي غاص في وحل العراق، لم يعد مطلق اليدين في فتح جبهات جديدة في المنطقة، كما كان يريد ضد ايران، وسوريا، وفي لبنان وغيرها، من دون أن يحسب حسابات تختلف عن تلك التي أغرته في غزو العراق قبل نحو اربعة أعوام، حتى بات يبحث عن مخارج من خلال مؤتمر تشارك فيه ايران وسوريا حول العراق، وحول البحث عن حلول لا يوفرها الغزو الحتلالي الغارق في دمائه وفي دماء الشعب العراقي في آن معا.
وأصبح واضحا، أن الولايات المتحدة، تحت ادارة الرئيس بوش، جاءت الى الشرق الأوسط لتقلب الدنيا لنا رأسا على عقب، ولتضع قضية الشعب الفلسطيني، وقضية الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، على الرف، وتحويلها من قضية هي جوهر الصراع العربي الاسرائيلي، ولب الصراع في الشرق الأوسط، الى قضية هامشية مهملة، مصيرها مرتبط بمتطلبات البرامج الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وتابعة لها تتحرك وفقا لاحتياجات المشاريع الاستراتيجية الأمريكية... إن هذا الرهان الأمريكية- الاسرائيلي، والذي تصاعدت شراسته بعد تفجيرات 11 ايلول 2001، والحرب التي اطلقها بوش على "الارهاب"، واعتبرناها منذ اللحظة الأولى حربا ارهابية على الدمقراطية وعلى شعوب المنطقة وحرياتها وحقوقها، قد سقط، وتمرغ في وحل العراق... إن العودة في هذه الأيام الى البحث عن تحرك سياسي في قضية الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، يأتي في اطار تحقيق انجاز بديل لسياسة الرئيس بوش المتعثرة في المنطقة، والذي أخذ يشعر بنفاذ الوقت، وأن احتمالات الانقلاع من العراق، أو الانقلاع من البيت الأبيض، حاملا معه خفي حنين، باتت كابوسا مرعبا بالنسبة له.
إن ما تنشره في الايام الأخيرة، الصحف ووسائل الإعلام الاسرائيلية عن ضغوط حثيثة تقوم بها الحكومة الاسرائيلية، على العربية السعودية، من أجل استعمال مؤتمر القمة العربية القريب في مكة المكرمة، من أجل "تحسين" "المبادرة السعودية" المعروفة، والتي اصبحت مبادرة سلام عربية، بعد أن تبنتها قمة بيروت في آذار 2002، من أجل أن تجري ملاءمتها للمتطلبات الاسرائيلية، (اقرأ/ي: الشروط)، وفي طليعتها اسقاط حل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية.
ويثير المخاوف في هذا المجال ما نشرته صحيفة هآرتس نهاية الاسبوع، حول تحرك نشط في هذا المجال، لكل من وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، ومستشار الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان، ولقاءاته السرية مع الجانب الاسرائيلي، التي كان آخرها لقاؤه مع رئيس الحكومة اولمرت في زيارته الأخيرة الى عمان...
إن هناك "فرصة، لخلق فرصة"، لحل سياسي للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، سبق ودفع الشعب الفلسطيني ثمنه مرات ومرات... إن الحل الممكن الوحيد، من أجل حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني، يجب أن ينهي الاحتلال للاراضي المحتلة منذ اربعين عاما، وانهاء الاستيطان وقيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967، وقيام عاصمتين فلسطينية واسرائيلية في القدس، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة.
إن هذا الحل هو التسوية وحل الوسط الذي يتجاوب مع الواقع التاريخي، وليس نقطة البداية للمفاوضات. إن هذا الحل يأخذ في الحسبان التوازنات التي يمكن أخذها، وحدود الرابع من حزيران ليست لب الصراع، بل فرصة الحل، وإن أي تلاعب في موقع قضية اللاجئين الفلسطينيين من الحل، يلغي التوازنات التي يقوم عليها. إن المطلوب فلسطينيا في هذه اللحظة الحرجة، التسريع في تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية التي اتفق عليها، والمطلوب من هذه الحكومة أن تسارع الى شن هجوم سياسي سلامي من خلال التمسك بالأسس التاريخية للحل العادل.
إن هناك فرصة لانتزاع فرصة حقيقية، ويجب التحرك فورا.

الأثنين 5/3/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع