رشى ووساطات وتزييف ووو
الـفـســاد والـتـلــم الأعــوج

إنها المرة الاولى التي يكشف فيها عن هذا الكمّ الهائل والنوع الثقيل من الفساد في فترة قصيرة، هذا لا يعني ان الدولة والنظام كانا نظيفين منه، فهذه الآفة هي ملازمة لجوهر النظام هذا وممارساته، وقد لعبت تراكمات الاحتلال وجرائمه وسياسة التمييز البشعة دورا في تفشي الفساد اكثر من انفلونزا الطيور مثلا ان لم نقل اكثر من ذلك، واسرائيل تتأثر ايضا بدور وثقافة واخلاقيات السيد الامريكي، وهي اخلاقيات قائمة على الاستغلال واللصوصية والكذب، وقد يكون الكذب هو القاعدة التي يقوم عليها الفساد، فالرئيس الامريكي كذاب، كذّاب في العراق وكذاب في فلسطين وكذاب في افغانستان وكذاب في ايران وحتى في ايطاليا وفي داخل الولايات المتحدة، ولسنا نحن فقط الذين نقول ذلك، هذا ما يقوله الامريكيون، والانكى انه يعترف جزئيا وبصورة لبقة بشعة ولكنه مستمر في سياسة الكذب، فلماذا لا تنضوي اسرائيل ايضا تحت هذه المظلة!! وهي المقلّد الامين للسيد الامريكي في مجالات الاحتلال والاضطهاد والاستغلال والعدوان!! اناس مسؤولون يكذبون بأنهم حصلوا على شهادات وهذا كذب، واناس يسرقون ويرتشون ويقدمون الرشى ويغتصبون، وهذا الفساد ينحدر بشكل هرمي من القمة الى الوسط فما تحت، حتى اصبح الفساد واحدا من معايير التعامل ليس فقط من اجل الوصول الى السلطة المركزية او المحلية، ولكن بالاساس من اجل ذلك. ولا شك ان الاعلام قام بدور ايجابي هام، وللاعلام النزيه والموضوعي والشجاع دور مبارك في هذا المجال، ولكن بالرغم من هذه الشفافية التي يساهم فيها الاعلام ومختلف مؤسسات المراقبة، فلماذا تتزايد موجات الفساد!! الاخلاقيات السائدة هي اخلاقيات الاحتلال والتمييز والعدوان والعنف والتهديد والعُنجهية والاستعلاء والعنصرية والكذب، فلماذا لا يكون الفساد ثمرة من هذه الاخلاقيات الرسمية!! يبدو ان العقاب المعنوي وفضح الفساد لا يكفي لاستئصال شأفته خاصة من قبل اناس وشخصيات عديمة الحياء، ولذلك يكمن العلاج الشافي في خلق واقع اخلاقي يعكس واقعا آخر، واقع السلام العادل، والمساواة والدمقراطية وحرية المرأة، وهذه القيم تصبح هي القيم التربوية في البيت والمدرسة والاعلام، وان تجري معاقبة صارمة لفساد المفسد، فالقضاء على المسبب والسبب يأتي بالنتيجة المطلوبة، والا فسيظل هذا المرض متفشيا ويزداد انتشارا، واذا كان الفساد يتأتى ويمارس من قبل مؤسسة كاملة، ومن قِبل اناس مسؤولين ومنتخبي جمهور فلماذا لا يصل الى دائرة اوسع من المتوسطين والصغار، وما لا يكشف عنه لغاية الآن في مجالات الصحة والتعليم مثلا يقتم الصورة اكثر ويسوّدها اكثر، اقصد الرشى والوساطات والتزييف حتى على حساب صحة الناس المرضى وعلى حساب مستقبل الاطفال، وكالعادة فان ما يصيب الجماهير العربية هو اكثر من طراطيش هذا الوحل الاجتماعي الرنق. والأدهى والأمرّ فان من يكشف عن الفساد المثبوت والموثق يصبح هو الملاحق وهو الضحية وهو المنبوذ وهو الذي لا يقبل للعمل، والمخفي أعظم.


(الاتــــــــــــــحـــــــــــــــــاد)

الجمعة 2/3/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع