رسالة إلى ولدي نزار: لا تدعهم يغرونك بالنجوم وبالنياشين المضرجة بدماء شعبك !!!

ولدي الحبيب نزار، يوم الجمعة ستكمل (قل إن شاء الله) عامك السادس، ومن المفروض، وكأي أب، أن أفرح معك، وأن أسألك عن أمنيتك، ماذا تريد هدية، لهذه المناسبة، وأن أستمع منك إلى أمانيك وأحلامك للمستقبل وإن كنت لا تزال طفلا، في صف البستان، وأفرح لهذه الأمنيات وأبذل كل ما بوسعي لأوفر لك الشروط التي من شأنها أن تساعدك على تحقيق الحلم والتطلعات.... لكنني أجد نفسي مقبوض الصدر، قلقاً، خائفاً، متوجسا مما يخبأه لك هذا المستقبل، القريب منه والبعيد...
ففي الأسبوع الماضي، أبقيتك في البيت، ورغبت وأمك ألا تذهب للمدرسة، حتى لا تشارك في النشاط الذي فرض على صفك وأقرانك، وقد بدأتم تتعلمون عن المهن وأرباب المهن، عندما قلت لي إنكم ستلتقون شرطيا سيأتي ليعرفكم على عمل الشرطة، واعتقدت أنني بذلك أكون قد أزحت هما عن كاهلي، لكن كما تعلم يا ولدي، فقد غبت أنت، وغاب الشرطي، وعندما عدت للمدرسة غداة ذلك اليوم، كان الشرطي قد وصل لصفك....صعقت يا ولدي عندما سألتني عن معنى كلمة شرطة بالعبرية، وعن رقم هاتف الشرطة، فقد كنت أظن أنني تحايلت عليهم وعليك ونجحت في مهمتي....لكن تبين لي أن لقاءك الأول مع الشرطة قد تم في غرفة الصف، وكنت أخالك ستلتقي بهم إن آجلا أم عاجلا، عند حاجز شرطي، أو في اجتماع ومظاهرة طلابية تشارك فيها عند دراستك الجامعية....

ولدي نزار
لست أدري لماذا استعجلوا على هذا اللقاء... لا بل إنني أدري وأدري.. فهم يريدون لك أن تحلم بأن تكون شرطيا، أو جنديا أو مجرد "متطوع" في الخدمة المدنية.... وهم يدرون ويدرون أن الانطباع الأول الذي سيرسمونه لصورتهم في مخيلتك ومخيلة أقرانك وأبناء صفك في البستان، سيبقى محفورا، وسيغيب في سبات حتى يستدعوه من جديد بعد سنين وعندما يشاءون، إنهم يريدون يا ولدي أن يزينوا لك عملهم بأجمل صورة، حتى تعشق النجوم على كتفي الضابط/ الشرطي، وتعجب بهرواته ومسدسه، ألم يستعرض الشرطي في المدرسة أدواته أمامكم في الصف، الهراوة والقيود والمسدس، أنا متأكد أنه فعل ذلك، لكنه لم يقل لك بكل تأكيد أن هراوته هذه هوت قبل واحد وعشرين عاما على جبهة عمك نزار، عندما كان في سن شقيقتيك التوأم: بيروت وبيسان، وخرج يشارك في مظاهرة يوم الأرض الأولى، وأن الهراوة هذه كانت ستحطم  جبهته لو لم يخلصه شباب القرية... وأنا على يقين يا ولدي أن الشرطي، "العربي" الذي كان يزين لكم عمله، لم يخبركم أن مسدسا مثل المسدس الذي يحمله، هو الذي أردى بالشهيد رامي حاتم غرة، في هبة القدس والأقصى قبل سبعة أعوام، وأن شرطيين "عربيين" هما اللذان أرديا كلا من رامي غرة وأسيل عاصلة، تنفيذا للأوامر.. هل حدثكم الشرطي يا ولدي عن قدسية أوامرهم عندما تصدر لهم لتفريق المتظاهرين العرب وإطلاق النار عليهم، تنفيذا للأوامر.... أنا متأكد يا ولدي أنه لم يفعل ذلك.

ولدي الحبيب نزار
كيف سأتمكن من محو ما قد حاول أن يغرسه في نفسك، وفي نفوس بقية أبناء صفك، هذا الشرطي، هل علي أن أكتفي بما نردده دائما وما كتبته أكثر من مرة عن رفضنا لأن نكون جلادين لأبناء شعبنا؟ أم علي الاستعانة بالسيدة نبيلة اسبانيولي، ومركز الطفولة في الناصرة، ليضعوا لنا كراسا وكتابا لمواجهة هذا الموقف...لا أدري بعد، فأنا متأكد أنك وغيرك من أبنائنا في هذه الديار لا تريد أن تكبر ضابطاً في جيش الاحتلال تقمع أهلنا في الضفة الغربية. لم أخبرك بعد أن لي أبناء عموم من قرية قفين في الضفة الغربية، وأن جدتي، المرحومة الحاجة أمينة، والدة جدك الراحل "أبو كاسترو" هي من قفين في الضفة الغربية، فهل تريد يا ابني أن أسمح لك بأن تكون جنديا أو ضابطا في جيش الاحتلال، أم تراك تخال أنني أقبل أن تكون شرطيا في حرس الحدود والشرطة ليستدعوك لتفريق مظاهرة في باقة، أو جت، وتصور لو انضممت إليهم ووجدت نفسك تقود "سيارتك الشرطية" لتفريق مظاهرة لطالبات في جت، ثم تطلق النار باتجاه المتظاهرات فإذا بعيارك الناري يصيب إحدى شقيقتيك التوأم، بيروت أو بيسان، أو لربما يصيب عيارك الناري إحدى أبناء عمومتك، صائب، محمد. إبراهيم.... ماذا سأفعل عندها.. القاتل ابني والشهيد ابنتي أو ابن أخي...

ولدي يا نزار
قبل عامين كلفني الصديق الدكتور، زياد خليلية والصديق الدكتور فتحي دقة، بعرافة ندوة لجمعية "الضاد" في قرى زيمر حول محاولات السلطة فرض الخدمة العسكرية أو المدنية على الشبان العرب، وشارك في الندوة المحاميان، الأستاذ سعيد نفاع، والأخ أيمن عودة، واستعرضا بإسهاب كل مخاطر هذه المؤامرة، وأذكر يا ابني أنني وعند انتهاء الندوة قلت للشبان والفتيات من زيمر إن أيا منا، الحضور، لا يريد أن يكبر ولده ليصبح قاتلا، يقتل حلم أسرة عربية، كأسرة الشهيدين رامي غرة وأسيل عاصلة، تنفيذا لأوامر سلطة تعتبرنا غرباء ونحن أصحاب البيت...

ولدي الحبيب نزار
كن ما شئت واحلم بما شئت واعمل على تحقيق حلمك لكن لا تدعهم يغررون بك، ولا تدعهم يتلاعبون بك، فابتعد يا ولدي عنهم، لا تكن شرطيا، ولا جنديا، ولا متطوعا في خدمتهم "مدنية كانت أو وطنية"، واخدم أهل قريتك وبلدتك بأن تحفظ عهدهم لوطنهم ولشعبهم ولأمتهم.
أبوك نضال

نضال محمد وتد
الثلاثاء 6/2/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع