جدوى التواطؤ الإسرائيلي مع المشاريع الإمبريالية
السـؤال الـمـلـحّ الـغـائـب

اختتمت لجنة فينوغراد للتحقيق في مجريات حرب لبنان الثانية أمس مرحلة سماع الشهود، بشهادة رئيس الحكومة إيهود أولمرت التي استمرت لست ساعات، وتطرقت إلى جوانب عدة (أنظر/ي الخبر المفصّل).
وكما حصل في النقاش الجماهيري، اختُزلت الأسئلة في أسباب فشل الحرب في تحقيق كامل أهدافها العسكرية والسياسية والدبلوماسية، فيما غاب السؤال الأكثر إلحاحًا ألا وهو: لماذا شنّت إسرائيل هذه الحرب أصلا؟
إن النظام الإسرائيلي، بما يتحلى به من آليات "دمقراطية"، لا يمكنه المرور مرّ الكرام على الفشل الذريع الذي مُني به. ولكنه، كنظام تهيمن عليه عقلية استعمارية استعلائية عنصرية، يتعامى عن رؤية الحقيقة الساطعة بأن إسرائيل هي كيان عدواني تجاه دول وشعوب المنطقة، وأن التفوّق العسكري الإسرائيلي لا يمكن أن يشكل ضمانة حقيقية لأمن مواطني الدولة. لذا نرى المشهد غائصًا حتى أخمص أذنيه في مسأليات تقنية بجوهرها، دون التفكير حتى بمجرّد إعادة النظر في الأسس التي تقوم عليها السياسات الإسرائيلية العدوانية على جميع الجبهات، والتي جعلت إسرائيل تغرق في أوهام القوة وترتطم بالواقع. والواقع هو أن الشعوب العربية لا تقبل باغتصاب أراضيها وحقوقها، وأن هذه الشعوب تجترح طرقًا جديدة ومبتكرة لمقاومة المشاريع الإمبريالية التي تخدمها إسرائيل حتى على حساب دم أبنائها من جنود ومواطنين.
لم يكن العدوان على لبنان إسرائيليًا فقط، بل كان أمريكيًا أيضًا وبامتياز: جميعنا يتذكر تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية رايس خلال الحرب بأننا إزاء "مخاض ولادة شرق أوسط جديد". وجميعنا يتذكر كيف حالت واشنطن دون وقف إطلاق النار لأسابيع طويلة. ومن هنا فإن على المجتمع الإسرائيلي أن يسأل نفسه وحكامه لماذا شُنت هذه الحرب؟ ولخدمة من بالضبط؟ والإجابة واضحة في نظرنا: لقد كانت هذه الحرب حربًا إمبريالية وجاءت لتخدم مشاريع الشرق الأوسط الكبير والجديد، من خلال إغراق المنطقة في دوّامة الدم من أجل تسهيل تمرير هذا المشاريع وإضعاف القوى المعارضة للهيمنة الأمريكية.
لقد بدأت بعض الأصوات في الولايات المتحدة الأمريكية تطرح تساؤلات هامة حول جدوى الدعم الرسمي الأمريكي (العابر للأحزاب) للسياسات العدوانية الإسرائيلية في المنطقة، وحول مدى تأثير اللوبي الصهيوني على دوائر صنع القرار في واشنطن. وأن الأوان لأن ترتفع أصوات موازية، هنا في إسرائيل، حول جدوى التواطؤ الإسرائيلي مع المشاريع الإمبريالية.


(الإتــــــــــحــــــــــاد)

الجمعة 2/2/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع