المطلوب: وضع الأمور في نصابها الطبقي والاجتماعي والسياسي والأخلاقي السليم
لـسـت وحـيـدًا، سـيـادة الـرئـيـس!

بلغت فضيحة "المواطن الإسرائيلي الأول" موشيه كتساف أمس الثلاثاء ذروةً جديدة، بقرار المستشار القضائي للحكومة تقديم لائحة اتهام جنائية بحقه، بتهم خطيرة جدا، منها الاغتصاب والتحرُّش الجنسي بأربع نساء عملن تحت إمرته في فترات مختلفة.
ورغم أهمية ردود الفعل السياسية التي تدعو رئيس الدولة الى التنحّي عن منصبه فورا وإلى إقالته إذا لم يفعل هذا بنفسه، فإن بعضها لا يخلو من النفاق الشعبوي؛ ذلك أنَّ ظاهرة الاعتداءات الجنسية على النساء متفشيَّة ومتجذِّرة في المجتمع الإسرائيلي، خصوصًا في صفوف جيش الاحتلال الذي يحقق أرقامًا قياسية في هذا الصدد في الدولة.
إن العنف ضد النساء بمختلف أنواعه، الجسدية منها والنفسية، هو أحد آليات "الرقابة والعقاب" التي يتبِّعها المجتمع الأبوي الطبقي لتكريس السيطرة على أفراده، ذكورًا وإناثا. وفي إسرائيل الإسبارطية يزداد الطين بلةً بتغلغل عقلية العسكرة والاستقواء على "الآخر" وبغسيل الدماغ الدائم في المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام المهيمنة.
وفي هذا المجال، أيضًا، لا عزاء للنساء في المجتمع الرأسمالي، حيث تخرج المرأةُ من رمضاء القمع "التقليدي" إلى نار الاستغلال "الحديث"، ويصبح جسدها وجمالها سلعًا لها تسعيراتها في معادلات العرض والطلب، فتغتصب إنسانيتها وروحها صبحَ مساء. وتقع المرأة ضحية للمجتمع الطبقي المرة تلو المرة: تارةً حين تحاصر في دوائر الفقر والجهل وإعادة إنتاج القمع وتذويته، وطورًا حين تضطر للإنصياع إلى علاقات الإنتاج الرأسمالية على ما فيها من استغلال طبقي وجنسي، وحين، وحين، وحين..
ومن جهة أخرى، فثمة جانب أقل تناولا في فضيحة رئيس الدولة، وهو كل ما يتعلق بالشبهات حول قضايا العفو والتنصّت، والتي تلقي حزمة أخرى من الضوء (بل قل: من الظلام!) على العلاقات المشبوهة بين رجالات السلطة وعالم الإجرام المنظم، وتعكس عمق الأزمة الأخلاقية التي تنخر في الجهاز السياسي الإسرائيلي. ومع هذا، فقد ركّزت غالبية وسائل الإعلام على قضية الاغتصاب والتحرّش، لأنها أكثر "إثارةً"(!)، ولكن أيضًا لأنها تغنيهم عن طرح المزيد من الأسئلة الصعبة حول أسباب وجذور كل هذا الفساد وكل هذه الفضائح في أروقة الحكم في إسرائيل.
إن المطلوب في هذه الحالة ليس فقط إقالة رئيس الدولة فورًا، بل وضع الأمور في نصابها الطبقي والاجتماعي والسياسي والأخلاقي السليم، وطرح البدائل الحقيقية لمجتمع الطبقية والأبوية والعنصرية الذي يطحن أبناءه، وبناته!

كلمة "الإتحاد"

الأربعاء 24/1/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع