كلمة "الإتحاد"
ألإحتلال والرأسمال سوسة البلاء!

أسعف الحظ رئيسَ الحكومة إيهود أولمرت هذا الأسبوع، نسبيًا، حين طغى خبر استقالة رئيس أركان الجيش دان حالوتس على خبر قرار المدّعي العام عيران شندار فتح تحقيق جنائي ضده في قضية خصخصة "بنك لئومي" وما رافقها من شبهات بشأن محاولة أولمرت التأثير على المناقصة لصالح أصدقاء له من أصحاب رؤوس الأموال.
وكما هو متوقع، فإن هذا التحقيق لن يكون الأخير، حيث ما زالت هناك عدة قضايا فساد يشتبه بتورط أولمرت فيها، وهي قضايا تنضم إلى موجة كبيرة من القضايا التي تعصف بالجهاز السياسي الإسرائيلي، وبالحكومة التي تحوم شبهات الفساد فوق رؤوس جزء كبير من أعضائها!
وهناك، فضلا عن جميع القضايا التي كشف عنها النقاب وتلك التي لم تتكشف بعد، معطيات وأبحاث عالمية تشير إلى تفشي الفساد في إسرائيل بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
ويعود هذا التفشي برأينا إلى عاملين أساسيين: الأول هو الدرك الأخلاقي الذي هبط إليه حكام إسرائيل وتغلغل في المجتمع الإسرائيلي بالتالي، والناتج بشكل مباشر وملموس عن أربعين عامًا من الاحتلال، وعن التعايش مع عقلية الاحتلال العنصرية الاستعلائية المقيتة؛ فهل باستطاعة من ينتهك حقوق شعب بأكمله ـ مهما برَّر وكذب على الآخرين ونفسه ـ أن يكون أخلاقيًا مع مجتمعه؟ هل باستطاعة الجندي الواقف على الحاجز الإحتلالي استعادة إنسانيته المتآكلة حين يخلع البزّة العسكرية؟
أما السبب الثاني، والذي لا يقل أهمية في هذا السياق، فهو طبيعة النظام الرأسمالي؛ لقد قطعت إسرائيل شوطا كبيرًا في عملية تغيير بنيوية نحو الرأسمالية المنفلتة، أو كما يسمّونها "السوق الحرّة" (!!). ومن نتائج هذا اتساع الفجوات الطبقية بشكل غير مسبوق، وتحوّل السلطة السياسة ورجالاتها ومؤسساتها إلى أداة طيّعة في خدمة الرأسمال المحلي والأجنبي وأصحابه. فالجزء الأكبر من ملفات الفساد هو إقتصاديّ الطابع، تلعب فيه علاقات السلطة والرأسمال دورًا كبيرًا. والفساد هو أحد "الأعراض الجانبية" للسياسة النيولبرالية المتوحشة.
لا يمكننا أن نرى إلى تفشّي الفساد في معزل عن تفشّي الفقر.. ولا يمكننا أن نرى إليه في معزل عن فقدان الكوابح الأخلاقية في المجتمع الإسرائيلي ككل.
قد تنجح موجة التحقيقات القريبة في إخراج بعض القضايا إلى الضوء، ولكن المطلوب هو تجفيف المستنقع الذي تنمو الظاهرة على ضفافه – من خلال الانعطاف إلى السلام العادل وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ومن خلال التحوّل بـ (180) درجة من النيوليبرالية الاقتصادية إلى سياسة تضع نصب أعينها خدمة مصالح الطبقات الشعبية، اليهودية والعربية على السواء. وكل ما هو غير ذلك لن يكون أكثر من أسبرين مؤقت، يفاوض الوجع دون القضاء على مصدره!

("الإتحاد")

الجمعة 19/1/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع