إستقالة حالوتس والتغيير المطلوب! من الواضح، تأكيدا، أن حديث الجنرال دان حالوتس عن "الشعور بالمسؤولية" وعن "تحمل المسؤولية" في سياق "تفسير" خطوته المفاجئة بالإستقالة من منصبه في رئاسة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بعد كل تأكيداته على إصراره البقاء في منصبه "حتى يطلب مني المسؤولون عني المغادرة"، هو حديث لا علاقة له إطلاقا بالمسؤولية، سواء الشعور بها أو تحملها! وكل ما في الأمر أن استقالته هذه تأتي، على الأرجح، من منطلق "مسؤوليته" عن جلده هو شخصيا، ليس أكثر! فلو توفرت لديه المسؤولية الرسمية الحقيقية حقا، لما أقدم ـ من بين الذين أقدموا ـ على مغامرة شن الحرب العدوانية الإجرامية الأخيرة على لبنان، ومن ثم الإستمرار فيها من خلال ارتكاب شتى أصناف المجازر وجرائم التدمير الشامل ضد لبنان وشعبه، على الرغم ما ترتب عنه ذلك، أيضا وبالمقابل، من ثمن باهظ دفعه الشعب في إسرائيل، بالأرواح والممتلكات وغيرها. ولئن تكن استقالة حالوتس هذه تأتي ارتدادا مباشرا للهزيمة المدوية التي مني بها الجيش الإسرائيلي في حربه العدوانية على لبنان (وهي الحقيقة التي لم يعد أي حرج إسرائيلي، رسمي أو شعبي، من الإقرار بها)، إلا إن من الأهمية بمكان الإنتباه إلى حقيقة أن هذه الإستقالة تأتي، أيضا، لتفضح عري السياسات الإسرائيلية الرسمية، على المستويين السياسي والعسكري على السواء، وحجم التدمير المتواصل الذي تزرعه هذه السياسات في حياة المجتمع الإسرائيلي نفسه، وعلى كافة الصعد: السياسي، والعسكري، والاقتصادي ـ الاجتماعي، والأخلاقي، والإنساني. فالحرب العدوانية الأخيرة على لبنان لم تكن مفتتح هذه السياسات ولن تكون، بالطبع، خاتمتها! وطالما بقيت إسرائيل الرسمية، سياسيا وعسكريا، متشبثة بالاحتلال وما يستتبعه من "نزعات" ومصالح حربية توسعية فلن يتوفر أمام هذا المجتمع وهذا الشعب أي بصيص أمل في الخروج من تحت أقدام هذه السياسات ومفاعيلها التدميرية. ومن هنا، فإن المطالبة الواسعة التي تلت استقالة حالوتس باستقالة رئيس الحكومة، أولمرت، وزير حربه، عمير بيرتس، باعتبارهما مسؤولين مباشرين عن قرار شن الحرب وبالتالي عن نتائجها وإسقاطاتها (أكثر من حالوتس، بالطبع) هي مطالبة مفهومة، صحيحة وفي مكانها بالطبع. لكن ما تحتاج إليه إسرائيل للخروج من أزماتها المتعددة هو أكثر من هذا التغيير "الشخصاني": إنه التغيير الجذري والجوهري في الأسس التي تقوم عليها هذه السياسات وفي المصالح التي تسعى إلى خدمتها! هذه هي المعركة الأساسية، الحقيقية، وحولها ينبغي أن تتوحد جهود قوى السلام والدمقراطية والتقدم الحقيقة في هذه البلاد! ("الإتحاد")الخميس 18/1/2007 |