شــرف الـمـجـتـمـع:
لـنـوقــف جــرائــم "الـشــــرف" !

جريمة "الشرف"، عديمة الشرف (!)، التي وقعت في حي الجواريش في مدينة الرملة أمس وراحت ضحيتها فتاة عربية في ريعان الشباب (18 عاما) تضاف في أعين البعض إلى ما سبقها من هذه الجرائم، من حيث الأرقام والإحصائيات، لكنها ينبغي أن تشكل، في نظرنا، هزة قوية تصيب مجتمعنا برمته بصدمة صاعقة عله يستفيق من هذا السبات القاتل في مواجهة هذه الجرائم والتحرك، الجماعي والسريع، لمحاصرتها ومنع تكرارها، دفاعا عن نفسه وعن شرفه الحقيقي!
صحيح، بالتأكيد، التحليل القائل بأن مصدر العنف في المجتمع في إسرائيل عامة يكمن، بالأساس، في سياسة العسكرة والحرب والاحتلال التي تثقف أجيالا متعاقبة على شرعية استخدام العنف والقوة ضد الآخرين. وصحيح، بالتأكيد أيضا، إن الضائقة الاقتصادية لدى شرائح واسعة في المجتمع، والمترتبة هي أيضا عن سياسة العسكرة والحرب والاحتلال بما تفرضه من تقليصات في الميزانيات الحكومية المخصصة للتعليم، التربية والتثقيف، للرفاه وتحصين المجتمع من آفات خطيرة كهذه، توسع دوائر العنف وتعمق أبعادها.
وصحيح، أيضا، أن الجرائم المرتكبة باسم "الشرف" موجودة، تاريخيا، بين أبناء مختلف الأديان والعقائد وكذلك بين من لا يؤمنون بعقيدة معينة ومن غير المتدينين. أي، بعبارة أخرى، يمكن اعتبار هذه الجرائم من "التقاليد"، وليس نتاج إيمان الفرد بدين معين.
ومع ذلك، وبالرغم من صحة هذا كله، لا مفر من القول الصريح: إننا، كأفراد وكمجتمع له هيئاته ومؤسساته التمثيلية الجامعة، لم نرتق بعد إلى درجة المسؤولية اللازمة في محاربة هذه الجرائم والتصدي لها. لم نقم بعد بما كان ينبغي ـ ولا يزال ـ القيام به من حيث إعلان حرب شاملة لا هوادة فيها، اجتماعيا ـ ثقافيا ـ تربويا، على هذه الجرائم، بما هو أبعد وأجدى من مجرد تدبيج بيانات التنديد والإدانة والاستنكار التي يبقى أثرها وتأثيرها محدودين جدا، في أفضل الأحوال!
إننا نوجه هذا الكلام المباشر إلى كل فرد في مجتمعنا، ولكن بالأساس إلى هيئات مجتمعنا التمثيلية وإلى مختلف التنظيمات والجمعيات الأهلية (النسوية وغير النسوية) التي يجدر بها النهوض بأعباء هذه المهمة المناطة بها، هي أولا. فإن عليها أن تلقي بكل ثقلها ـ ومواردها وإمكانياتها ـ في جهد موحد ومشترك لتصميم وشن هذه المعركة، بالتنسيق والتعاون الوثيقين مع شتى الجهات والأطراف ذات العلاقة ـ السلطات المحلية وأقسام الرفاه والخدمات الاجتماعية فيها، المدارس والمؤسسات التربوية ـ الثقافية المختلفة، وكذلك الشرطة وغيرها من المؤسسات والأذرع السلطوية المسؤولة، في تحرك مدروس ومبرمج.
الفتاة التي قتلت في الرملة أمس هي الثانية التي يتم قتلها في هذه المدينة خلال أقل من شهر، وهي الأولى التي يتم قتلها في العام الجديد 2007، بعد النساء والفتيات الـ 8 اللواتي تم قتلهن في العام المنصرم 2006. هذه هي الأرقام وهذه هي الإحصائيات! فهل نعيد تثبيتها في بيان استنكار جديد آخر بانتظار الجريمة القادمة؟!

("الإتحاد")

الأربعاء 17/1/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع