دمقراطية عنصرية بامتياز....

من المؤسف جدا أن نرى، يوميا، أن ما تثبته الدمقراطية الإسرائيلية، يوما بعد يوم، عن حقيقة كونها "دمقراطية" عنصرية بامتياز، لا يقض مضاجع القوى الدمقراطية الحقيقية في هذه البلاد، من العرب واليهود، إلى درجة الإعلان عن حالة الإستنفار القصوى بين صفوفها، على اختلاف أطيافها ومشاربها، سعيا إلى حشد كل طاقاتها، الجماهيرية والقانونية، في معركة التصدي لما يتوالد يوميا في مستنقع هذه "الدمقراطية"!
 وليس بعيدا عن الحقيقة (ولو جزئيا) القول أن العجز، أو التلكؤ على الأقل، الذي يعتور حالة هذه القوى الدمقراطية (والليبرالية) الحقيقية ـ لأسباب شتى ـ هو هو ما بفتح شهية العنصريين، من أفراد ومؤسسات، على المزيد والمزيد من القرارات والتشريعات، ومن ثم الممارسات، التي تترسخ واقعا سياسيا وقضائيا دون أن تهتز البلاد، طولا وعرضا.
هذا هو الإستنتاج الذي ينتصب صارخا حيال ما نشهده من تطورات وأحداث يومية في هذه البلاد تحمل أبعادا مستقبلية غاية في الخطورة على واقع الجماهير العربية في هذه البلاد وعلى مستقبل عيشها الآمن في وطنها.
فمن جرائم الهدم المتواصلة للبيوت (وخاصة في النقب) وتشريد عشرات العائلات، إلى تعديل قانون "المواطنة" (لم الشمل) إلى ما تبنته الكنيست، أمس بالقراءة التمهيدية، إلى كثير غيرها ــ وقائع يتم فرضها على "أرض" السياسة والقانون لمحاصرة المواطنين العرب في هذه البلاد، دون أن تقوم القيامة ولا تقعد!
فقد صادقت أمس، بالقراءة التمهيدية، على مشروع قانون عنصري آخر قدمه عضو الكنيست الليكودي غلعاد أردان، يقضي بتخويل المحاكم المركزية صلاحية سحب جنسية مواطن إذا "قام بعمل يشكل خرقا للولاء لدولة إسرائيل"! وهي الصلاحية التي كانت مخولة، حتى الآن، لوزير الداخلية، علما بأن وزير الداخلية السابق، أوفير بينيس، كان اقترح إلغاء هذه الصلاحية كليا!
وبالرغم من أن هذا المشروع لا يحدد ما يمكن اعتباره "خرقا للولاء"، إلا أنه يعتبر أن زيارة "دولة معادية" أو "الحصول على مواطنة دولة معادية" خرقا للولاء يستوجب نزع المواطنة أو الجنسية عن "الفاعل"!
ومن الواضح، من نص هذا المشروع، أنه يستهدف بالأساس، بل فقط على نحو شبه مؤكد، المواطنين العرب في إسرائيل! بل هذا بالضبط ما لا يجد مقدم الاقتراح أي حرج في إعلانه والتباهي به، بقوله: "الإرهابيون ومؤيدوهم يستخدمون \الحقوق والحريات التي تمنحهم إياها دولة ديمقراطية من أجل المس بالدولة وبمواطنيها... ينبغي على الدولة أن تحمي نفسها ممن يستهدفونها، وللأسف هم من أبناء بيتها. لا يمكن أن يكون شخص مواطنا في دولة يسعى لتدميرها"!!
لكن أردان ليس وحده في هذا المسعى. فمشروع القانون خاصته هذا حظي، يوم الأحد من هذا الأسبوع، بتصديق "اللجنة الوزارية لشؤون التشريع" الأمر الذي يعني تأييد الحكومة له، مما فتح المجال، سريعا، أمام نقله إلى الكنيست ومحاولة إقراره وسنه، بأقصى سرعة ممكنة!
إنه مشروع قانون آخر من مشاريع القوانين، والأنظمة، التي تثبت في "سفر القوانين" الإسرائيلي فكرة وخطة الترانسفير، وإن كان "الزاحف" منه، من دون إثارة "زوبعات" إعلامية كالتي يثيها أفيغدور ليبرمان، أو تلك التي كان يثيرها سابقا، رحبعام زئيفي و"الراب" مئير كهانا.
هذه هي الحقيقة الخطيرة التي ينبغي الإنتباه إليها وإدراكها، وبالتالي إعداد العدة اللازمة للتصدي لها ومنها من بلوغ غايتها!

("الإتحاد")

الخميس 11/1/2007


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع