كلمة ''الإتحاد''
عـنـجـهـيـة الــرفـــض
مـقابـل رسـائـــل الـســــلام!

للمرة الألف ربما، يعود الرئيس السوري بشار الأسد، ويكرر تصريحاته الداعية الى اجراء مفاوضات سلام بين اسرائيل وسوريا، لحل الصراع بين الدولتين، على اساس انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي السورية، وكافة الاراضي العربية، مقابل تطبيع العلاقات بين الطرفين، مع الاعتراف الاسرائيلي بالحقوق السورية والعربية بشكل عام.
ويدل تكرار هذه التصريحات والردود الإسرائيلية عليها على أمرين، أولهما، النوايا السورية الجدية لعقد اتفاق سلام مع اسرائيل، مع التأكيد على ضرورة كونه اتفاقا عادلا.
والأمر الثاني هو عدم وجود نوايا اسرائيلية، البتة، للتوقيع على اتفاق سلام مع سوريا، أو على الأقل للشروع في مفاوضات سلمية، قد تقود أو قد لا تقود الى اتفاق من هذا القبيل.
وارتباطا بما سبق، فقد "بشرنا" السناتور الأمريكي الجمهوري، الن سبكتر، الذي التقى بالرئيس السوري بشار الاسد، بأن الأخير قد وجه رسالة سلام أخرى الى رئيس الحكومة ايهود اولمرت، مؤكدا نواياه الجدية والحقيقية، ومشيرا الى قدرة سوريا على التأثير على أطراف عدة في الصراع الدموي المستمر منذ عقود عدة، والذي لن يختتم الا بانسحاب اسرائيلي كامل من الأراضي العربية المحتلة كلها، وعلى رأسها الاراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن اولمرت، وكعادة كافة رؤساء الحكومة الاسرائيليين المتعاقبين، رد على هذه التوجهات، وهذه المرة ايضا، بالبرود المعهود اياه، مؤكدا على العقلية الاسرائيلية الحربجية العنجهية، الرافضة لأي توجه أوجهد سلمي، والمتنكرة لكافة حقوق الشعوب التي اعتدت هي عليها على مر السنين، وسلبتها اراضيها وثرواتها.
اولمرت أكد على أن "اسرائيل مصغية لكل همسة تدل على توجه سلمي لدى أعدائها"!!! وكأن اسرائيل هي الراغبة بالسلام، وليس العكس.
إن كانت اسرائيل بالفعل راغبة بالسلام، فلتقم بخطوات من أجل تحقيقه، وكفاها تجاهلا للتوجهات السلمية الصادرة عن العرب، معللة ذلك بشتى الحجج والذرائع التي لا تقنع أحدا، حتى أن موظفين كبارا في وزارة خارجيتها، باتوا يعلنون صبح مساء، طبعا دون الكشف عن اسمائهم، لحسابات خاصة تتعلق بمستقبلهم، أن سوريا "ناضجة"، كما يقولون، لاجراء مفاوضات سلمية وما على اسرائيل الا الموافقة على توجهاتها.
رغم "انكار" اولمرت يوم أمس الأول، بأن الرفض الاسرائيلي للبدء بمفاوضات سلمية نابع من رفض الولايات المتحدة، الا أن الأمر واضح وضوح الشمس. فالولايات المتحدة هي المحرك الأول والأخير للسياسة الاسرائيلية الخارجية برمتها، وقد رأينا كيف أنها هي التي اصدرت الأوامر لاسرائيل بشن عدوانها على لبنان، وهي التي أمرت بوقف هذا العدوان، بعد أن اكتشفت عدم جدواه، وهي التي تعرقل أي تقدم تجاه حل سياسي في المنطقة.
على اسرائيل أن تعي بأن مصلحتها تكمن في ارساء السلام مع جيرانها، وفي الشروع بعلاقات طبيعية مع المحيط الذي تعيش فيه، ودون أن تصل السلطة الحاكمة في اسرائيل الى هذه القناعات، سوف يبقى القرار السياسي لديها متعلقا بمزاج البيت الأبيض، وسوف تبقى في حالة عداء مع كل من يحيط بها.

("الإتحاد")

الجمعة 29/12/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع