ثلاثة ايام مصيرية في المحكمة العليا

منذ يوم أمس الأول، مرورا بيوم أمس الاربعاء، وصولا الى اليوم، بحثت وتبحث المحكمة العليا في ثلاث قضايا على درجة عالية من الأهمية على المستوى الفلسطيني تحديدا، وعلى مستوى الوجهة الانسانية للمجتمع الاسرائيلي نفسه.
فقد اصدرت المحكمة العليا يوم أمس الاول الثلاثاء، قرارا كنا قد تطرقنا اليه بتوسع في عدد الأمس، حول موضوع قانون الانتفاضة، حيث جاء في قرار المحكمة الغاء بند كان اضيف لقانون الانتفاضة، يعفي اسرائيل من المسؤولية عن الاضرار التي تخلفها في مناطق لا تعتبر "مناطق مواجهة" في العرف الاسرائيلي. وقد أكدنا أن هذا القرار هو قرار جيد، يسجل في صالح المحكمة العليا، ويسهم في وقف تدهور الكنيست الى الدرك الأسوأ من سن القوانين العنصرية الفاشية باستمرار...
لكن يبدو أن قضاة المحكمة العليا محدودون عندما يدور الحديث عن اسطورة "الأمن" الاسرائيلية، فقد اصدرت المحكمة العليا قرارا بالأمس، حول الالتماس الذي قدم للمطالبة بتعديل مسار جدار الفصل العنصري في منطقة الرام شمالي القدس المحتلة، والذي يقطع أوصال المواطنين هناك، حيث يبقي عشرات آلاف الفلسطينيين خارج حدود الجدار، الأمر الذي يفصلهم عن مدارسهم واماكن عملهم والمرافق الصحية، وما الى ذلك.
وقد زعم قضاة المحكمة العليا في قرارهم، أن مسار الجدار الحالي أمر حيوي لـ"أمن" اسرائيل، مشددين أنه عندما يدور الحديث عن القدس، فإن الأمر يصبح أكثر حساسية، ومدعين أن مسار الجدار الحالي "لا يمس بالمواطنين الفلسطينيين كما ادعى الملتمسون"!!
برأينا، فإن قضاة المحكمة العليا رسبوا في هذا الامتحان الهام، الأمر الذي يدل على عدم أهلية المحكمة العليا للبت في المسائل الحاسمة، رغم أن لهذه المحكمة مواقف صحيحة في أحيان عدة، مثل القرار الذي أصدرته يوم أمس الأول.
وتواجه هذه المحكمة، اليوم، امتحانا لا يقل صعوبة عن الامتحانين اللذين واجهتهما في اليومين الأخيرين، ونجحت في أحدهما، ورسبت في الآخر، حيث تصدر المحكمة العليا اليوم قرارها بشأن "قانونية" جرائم الاغتيال التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلية ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية في الاراضي المحتلة.
من الجدير بالذكر أن المحكمة تصدر قرارها في هذا الموضوع بعد تأخير خمس سنوات، وهذا بحد ذاته فشل كبير لجهاز القضاء الاسرائيلي، حيث قتل في هذه السنوات الخمس مئات الفلسطينيين، جراء عمليات الاغتيال المجرمة.
نحن لا نعلق آمالا كبيرة على جلسة المحكمة العليا اليوم، ونرى أن المحكمة اضعف من أن تواجه الجهاز العسكري الاسرائيلي المتشعب في كافة أجهزة الدولة، ولكننا ندعو هذه المحكمة لأن تحكم القانون الانساني، ليعلو على خوفها من مواجهة الآلة العسكرية، متمثلة بالسلطة التشريعية، التي لم يتورع أعضاء فيها عن الحديث بالأمس، تعقيبا على قرار المحكمة يوم أمس الأول، عن "جنوح المحكمة العليا"، وعن "الحاجة للحد من صلاحياتها"!!!
نحن نرى أن المحكمة العليا يجب أن تستمر في لعب هذا الدور الهام، ونشدد على أنها يجب أن تغلب القانون الانساني على القانون العسكري لسلطة محتلة غاشمة.

الخميس 14/12/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع