ثمة رأسان لهذه الممارسة الحكومية: التمييز الطبقي والتمييز القومي
الـتـضـامـن الـعـمـالـي
فــي مــواجــهــة "الــخـنـازيـريــة"!

الإضراب الشامل والمفتوح الذي أقرت الهستدروت تنفيذه إبتداء من السادسة من صباح اليوم الأربعاء يشكل، بمجرد إقراره، مكسبا هاما لجمهور العاملين في هذه البلاد، عربا ويهود، يتجسد ـ بالدرجة الأولى ـ برسالة التضامن العمالي، الواسع والحازم، التي يطلقها هذا الإضراب في وجه السياسة "الخنازيرية" التي تمارسها هذه الحكومة، استمرارا مطابقا لما مارسته سابقاتها (وليس في المجال الاقتصادي فحسب!): سياسة الدوس على حقوق العمال ومستحقاتهم، وما يترتب عنها ـ سوية مع عناصر أخرى ـ من تعميق نهج إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء.
ولأننا ندرك أن القضية ليست مجرد "معوقات إجرائية وبيروقراطية"، كما يحاول مسؤولون حكوميون من شتى الدرجات تصويرها، زورا وبهتانا، فإننا ندرك أيضا أسباب التشاؤم الذي أبداه رئيس الهستدروت، عوفر عيني، مساء أمس، حين قال: "لقد وضعنا ثقتنا مرات من قبل بوزراء الحكومة، بل وكنا قد توصلنا إلى اتفاق. لكن الاتفاق لم يحترم ولم ينفذ.... وبدون حل كامل وشامل لهذه المشكلة، لن يكون بالإمكان منع الإضراب"!
وما هي هذه "المشكلة" التي دعت إلى إعلان الإضراب؟ إنها، ببساطة: عدم قيام وزارتي المالية والداخلية بتحويل الميزانيات اللازمة لدفع أجور الموظفين والمستخدمين في عشرات السلطات المحلية، وغالبيتها من السلطات المحلية العربية، فضلا عن عدم دفع المبالغ المستحقة لصناديق التقاعد وصناديق الاستكمال للعمال والموظفين!
كيف من الممكن أن تسمح الحكومة وأذرعها التنفيذية المختلفة باستمرار وضع يواظب فيه آلاف العمال (في القطاع العام، الحكومي، وليس في القطاع الخاص!) على عملهم وأداء واجباتهم، دون أن يحصلوا على أدنى حقوقهم: أجرة العمل(؟!) ولأشهر عديدة(؟!)، على الرغم مما يشكله ذلك، وفقا للقانون، من مخالفة جنائية؟ أين هو القانون وأين هي سيادته في هذا النظام "الدمقراطي"؟
ثمة رأسان لهذه الممارسة الحكومية: التمييز الطبقي والتمييز القومي. فعاملو السلطات المحلية عامة هم "الحلقة الأضعف" في القطاع العام، والغالبية الساحقة من العاملين الذين يكابدون مأساة العمل بدون أجور وبدون حقوق هم من العرب، في السلطات المحلية العربية. ومن هنا الأهمية القصوى لقرار الإضراب الحالي، إذ أجمعت جميع النقابات المهنية واللجان العمالية، وحتى تلك اللجان الكبرى و"القوية" التي لا يعاني أعضاؤها العمال من مشاكل كهذه، على الانخراط في الإضراب تضامنا مع عمال ومستخدمين آخرين، "ضعفاء"، ودعما لحقوقهم النقابية الأساسية. وعلى هذا تستحق هذه اللجان والنقابات كل الاحترام والتأييد، كما تستحق الهستدروت التحية على الاضطلاع بمسؤوليتها والقيام بواجبها تجاه هذه الفئة من العمال (وهو أمر ليس مفهوما ضمنا ولا مفروغا منه في هذه البلاد وواقعها السياسي)، على الرغم مما يشيعه المسؤولون الحكوميون عن "حسابات واعتبارات سياسية ـ حزبية ـ انتخابية" كانت وراء القرار بإعلان الإضراب.

("الإتحاد") 

الأربعاء 29/11/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع