ميزانية الدماء والافقار...

اقرت الكنيست في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، ميزانية الدولة للعام المقبل وقانون التسويات المرفق بها، بالقراءة الأولى. وجاء اقرار الميزانية بالقراءة الأولى، كما هو متوقع، سهلا للغاية..
وبحسب البنود التي تضمنها مشروع الميزانية الذي اقر بالامس، فإن ميزانية العام المقبل لن تحمل اية بشائر لجمهور المستضعفين، ولن تكون الا نسخة عن سابقاتها، رغم ما توهّمه البعض من تغيير في الميزانية لصالح الاجندة الاجتماعية، بسبب وجود حزب العمل في الحكومة.
ليس الأمر بهذه البساطة، ومن يفكر بهذه الطريقة يعتبر ساذجا ليس الا، فحزب العمل كما يقول المثل العامي "لبس قبعه ولحق ربعه"، فحول أجندته من اجتماعية الى عسكرية بامتياز، وأصبح رئيسه عمير بيرتس، النقابي والقائد العمالي، و"مثير الفوضى العمالية"، كما كانوا يصفونه في الاعلام الاسرائيلي، وزيرا "للأمن" في دولة عشقت الحرب ورائحة الدماء، فباتت تحول فقراءها ومستضعفيها الى وقود للمدافع، التي تقتل بها ابناء الشعبين الفلسطيني واللبناني. وأصبحت المسؤولية القومية المطلوبة من مواطني هذه الدولة، أن يقبلوا بافقارهم لأن الدولة في حالة حرب، وتواجه "خطر الابادة". وأصبح الاجتماعيون من حزب العمل، اولئك الذين أوهموا مجمل فقراء الدولة بقرب التغيير المنشود، مجموعة أختام مطاطية في ايدي اللبراليين الجدد من رموز اليمين في اسرائيل، ومن كبار أصحاب رأس المال، فلا عدنا نسمع صوت شيلي يحيموفيتش، نصيرة المستضعفين، ولا عدنا نسمع أصوات الصهاينة المتنورين، امثال يولي تمير أو افيشاي برافرمان، ولا سمعنا، ولن نسمع، أصوات عرب العمل، فهم صمتوا عندما دخل الفاشي ليبرمان الى الحكومة من أوسع ابوابها، ولم يسمعوا حتى أنين رفضهم!!! حزب العمل رفض أجندته التي أوهم المواطنين بها، ودفنها في سابع ارض، طالبا نسيانها ليبقى حاكما محكوما في الحكومة. من الواضح أن الاجندة الاجتماعية المزعومة لحزب العمل، لم تكن ولن تكون.
أما حزب المتقاعدين، فنسي جمهور مصوتيه من المسنين، وقبل بانزال الضربات القاسية بهم، متعهدا بـ"عدم السكوت على حقوقهم عندما يحين موعد التصويت على الميزانية في القراءتين الثانية والثالثة"!! لا يا شيخ... اللي طبّل طبّل واللي زمّر زمّر!
هذه الميزانية هي ميزانية محاربة الفقراء وليس الفقر، وهي ميزانية اغناء الاغنياء، ومنحهم الامتيازات على حساب حياة غالبية المواطنين في الدولة، من عرب ويهود، من الفقراء والمسحوقين. هذه الميزانية تسحق الغالبية لتزيد من غنى الاقلية. هذه ميزانية محور الشر اللبرالي الجديد في اسرائيل...
لم يبق للفقراء والمستضعفين سوى صوتهم هم ليرفعوه في وجه الظالمين، في الشوارع وفي أماكن العمل، بالاضرابات والاحتجاجات، فبعد هكذا ميزانية، لم يبق للفقراء والعمال والمستضعفين ما يخسروه سوى أغلالهم الثقيلة. فحيّ على النضال.

الأربعاء 8/11/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع