الـمُشترك في اغتيال رابين وتوزير ليبرمان

في مثل هذه الأيام قبل 11 عامًا اغتيل رئيس الحكومة الإسرائيلي يستحاق رابين على يد يميني متطرف، بعد تحريض دموي أهوج قاده زعيم اليمين وقتئذٍ بنيامين نتنياهو وشارك فيه جميع أقطاب اليمين الاستيطاني وأقطاب أيديولوجية "أرض إسرائيل الكبرى".
وكان في جوهر التحريض على رابين، اعتماد حكومته على أصوات ممثلي الجماهير العربية في الكنيست (الكتلة المانعة المؤلفة من "الجبهة الدمقراطية" و "الدمقراطي العربي") لتمرير "اتفاقيات أوسلو" والاعتراف التاريخي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا للشعب العربي الفلسطيني.
وإذا كان الرأي العام الإسرائيلي قد اقتنع بهذه الطريقة أو تلك بأن الاغتيال كان بمثابة "عمل فردي طائش" أقدم عليه "حثالة معتوه"، فإننا نرى اليوم أن واحدًا من كل ثلاثة إسرائيليين يوافق على العفو عن هذا "الطائش المعتوه"!
نظرة خاطفة على الساحة السياسية الإسرائيلية منذ الاغتيال تؤكد إن اليمين قد نجح (ولو جزئيًا) في فرض روايته المزعومة حول خطر "الحرب الأهلية" و"الانشقاق في الشعب" على خلفية عملية التسوية السياسية مع الفلسطينيين، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى، بات واضحًا أن سعي اليمين إلى نزع شرعية مواطنة الجماهير العربية يرمي، من ضمن ما يرمي إليه، إلى قطع الطريق على أي تقدم في العملية السلمية قد يشكـّـل فيه وزن المواطنين العرب السياسي والانتخابي بيضة القبّان في المعادلة.
ويغوص المجتمع الإسرائيلي اليوم في هواجس ذكرى اغتيال رابين، دون وضع الأمور في نصابها الصحيح، أي في سياق تلويح اليمين بـ"الحرب الأهلية" في حال كان الحسم الدمقراطي في غير صالحه، وخاصة إذا ما كان للعرب دور ما في هذا الحسم.
واليوم، بعد 11 عامًا، يمكن القول إن الاغتيال السياسي حقق أهدافه السياسية، من خلال اغتيال العملية السلمية وتقويض شرعية المواطنين العرب، التي بلغت مؤخرًا ذروة جديدة تمثلت في منح الخطاب الترانسفيري مزيدًا من الشرعية والرسمية، من خلال ضمّ المأفون ليبرمان وحزبه الفاشي إلى الائتلاف الحكومي، وتبني سياسات اليمين الحبلى بالكوارث، تجاه العرب أولا، لكن أيضًا في الاقتصاد والسياسة والمجتمع.
إن العبرة الأساسية من اغتيال رابين لا تختلف جوهريًا عن تلك التي نتوصل إليها في سياق تحوّل الخطاب الفاشي إلى خطاب مركزي مشروع في السياسة الإسرائيلية – هذه العبرة هي أن الفاشية ستأتي على الأخضر واليابس، وأن ضحتيها الأولى قد تكون الأقلية العربية، لكنها حتمًا لن تكون الوحيدة.

("الإتـــــحــــاد")

الجمعة 3/11/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع