كلمة <<الاتحاد>>:
زيارة الهند للتنسيق الاستراتيجي!!

توجه رئيس الحكومة، اريئيل شارون، على رأس وفد كبير، امس الاثنين، بزيارة الى الهند تستغرق اربعة ايام. وتندرج هذه الزيارة في اطار توثيق العلاقات الاستراتيجية الهندية - الاسرائيلية - الامريكية التي تتعزز منذ صعود اليمين الى كراسي السلطة في الهند وانهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية في مطلع التسعينيات.

فقبل انهيار الاتحاد السوفييتي كانت الهند في عداد حلفائه وتقيم معه علاقات وطيدة سياسية واقتصادية وعسكرية، كما كان النظام الهندي يساند دون تحفظ الكفاح العادل للشعب الفلسطيني. وكما حدث عندما تسلم انور السادات السلطة بعد رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، حدث بعد تسلم اليمين زمام السلطة في الهند، تحوّل مئة وثمانين درجة في السياسة الخارجية الهندية باتجاه توثيق العلاقة مع الامبريالية الامريكية وحليفها الاستراتيجي اسرائيل وتوظيف هذه العلاقة في خدمة مواجهتها للباكستان بالاساس وللصين بشكل غير مباشر. ففي العام 1992 اقيمت علاقات دبلوماسية بين الهند واسرائيل. وشارون اول رئيس حكومة يزور الهند منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية. وهذا يعكس المدلول السياسي للعلاقات القائمة بين النظامين، الهندي والاسرائيلي، والتي اخذت منذ احداث ايلول 2001، وبشكل علني، طابع التنسيق والتعاون الاستراتيجي في اطار الاستراتيجية العدوانية الامريكية التي تختفي وراء "محاربة الارهاب".

فعن طريق اسرائيل الرسمية يجري تطوير القدرة العسكرية للهند. فأصابع الاتهام تشير الى دور اسرائيل في تطوير الطاقة الذرية الهندية. وتحولت اسرائيل الى اكبر مزود للسلاح الى الهند. وحسب ما نشرته صحيفة "النيويورك تايمز" الامريكية فان اسرائيل تصدر اسلحة الى الهند بقيمة (1,5) مليار دولار الى ملياري دولار سنويًا. كما ستصدر لها بقيمة مليار دولار ثلاثة اجهزة "فالكون" لتزويد طائرات هندية تجسسية. و"الفالكون" ثمرة التكنولوجيا الامريكية المتطورة.
هذا اضافة الى تزويد السفن الهندية بأجهزة الكترونية قتالية اسرائيلية وتدريب "قوات خاصة" هندية في اسرائيل والتعاون في المجال المخابراتي.

ولهذا، فإننا نؤكد بان زيارة شارون الى الهند تستهدف التنسيق الاستراتيجي العدواني خدمة للمخطط الامريكي التآمري في منطقة جنوب وشرق آسيا وضد شعوبها، كما تستهدف تجنيد التأييد الهندي لسياسة وجرائم الاحتلال الاسرائيلي في المناطق المحتلة، خاصة وانه كانت تربط الهند الرسمية علاقات تقليدية وطيدة مع القيادة الفلسطينية والرئيس ياسر عرفات ومع الكفاح العادل للشعب الفلسطيني الذي كان يحظى بدعم وتضامن الهند ودون اي تحفظ. وشتان ما بين موقف النظام الهندي وبين موقف العديد من القوى السياسية والجماهير الهندية من زيارة شارون ومن الحق الفلسطيني المشروع. فكما نشرنا امس الاول، فان ستة احزاب رئيسية في الهند، وفي مقدمتها الحزبان الشيوعيان قد اصدرا بيانًا يؤكد ان شارون شخصية غير مرغوب فيها وتطالب بالغاء الزيارة، خاصة على ضوء تاريخ شارون المخضب بالدماء في "صبرا وشاتيلا" وما يرتكبه اليوم من جرائم في المناطق الفلسطينية المحتلة. وماذا يقول العرب عن هذه الزيارة!

("الاتحاد")
الثلاثاء 2003-09-09


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع