كلمة <<الاتحاد>>:
استقالة محمود عباس وعربدة المحتلين!

فشلت وللأسف الشديد جميع الجهود المبذولة لاصلاح ذات البين وفض الخلافات القائمة بين الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية، بين ياسرعرفات ومحمود عباس، وفضها بشكل يضع المصلحة العليا للشعب الفلسطيني الذي يواجه اخطر مؤامرة على وجوده وعلى حقوقه الشرعية فوق أي اعتبار آخر. وأعلن محمود عباس استقالته من رئاسة الحكومة الفلسطينية. ونحن نحمّل حكومة الاحتلال الاسرائيلية الشارونية والادارة الامريكية المسؤولية الكبيرة في دفع ابو مازن الى الاستقالة. فتصعيد جرائم الاحتلال المتعددة ضد الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة وبدعم امريكي خلال المائة يوم من عمر الحكومة الفلسطينية لم يترك اي حيز لمحمود عباس في مزاولة مهمته على ارض الواقع، هذا في وقت كانت فيه حكومة الكوارث اليمينية الشارونية تمارس الضغوطات الشرسة على محمود عباس وحكومته لتنفيذ الاملاءات الاسرائيلية واعتباره وكأنه خادم مصلحة الامن الاحتلالي لا مصلحة امن الشعب الفلسطيني.

في تعليقات سابقة، وفي هذا المكان بالذات من "الاتحاد"، اكدنا بصريح العبارة ان المحتل الاسرائيلي يراهن على الخلافات بين الرئاسة والحكومة، بين عرفات وعباس، لاخفاء جرائمه الهمجية ولمواصلة تصعيد عدوانه الوحشي ودفن "خارطة الطريق" وكل امل بتسوية سياسية تنقذ الشعب الفلسطيني من بين انياب ذئاب الاحتلال. فلم تمض سوى ساعات قليلة على اعلان استقالة محمود عباس حتى قامت طائرات هولاكو الدمار والدماء بتنفيذ جريمة جديدة، بعملية قصف صاروخية على بناية مدنية متعددة الطوابق، استهدفت هذه المرة اغتيال وتصفية زعيم حركة "حماس" الشيخ احمد ياسين واسماعيل هنية احد القادة السياسيين لهذه الحركة. لقد فشلت العملية في تصفية الشيخ ياسين وهنية ولكنها ادت الى تعميق جراح الصراع وجرح الشيخ ياسين وعدد من المدنيين الابرياء من سكان العمارة.

وفي الوقت الذي كانت فيه طائرات الاحتلال تقصف في غزة، في هذا الوقت بالذات انطلقت حملة هستيرية تحريضية من اوكار الوزراء والمسؤولين في حكومة الجرائم والدمار اليمينية ضد الرئيس ياسر عرفات، وكأن قلبها مقطوع على مصير محمود عباس والشعب الفلسطيني اللذين يشنون ضدهما ما يشبه حرب الابادة. لقد تخطت وقاحة المستعمرين المحتلين كل الحدود فيما يتعلق بتدخلهم السافر في الشأن الفلسطيني الداخلي. فلم يقفوا عند حد التهديد السافر "بأن اسرائيل لن تقبل ان يتولى ياسر عرفات او احد المقربين منه السيطرة على السلطة الفلسطينية بشكل تام" كما اعلنت رئاسة الحكومة الاسرائيلية، بل ارتفع صوت العواء من افواه عدد من الوزراء والمسؤولين ونواب اليمين والفاشية العنصرية الذي يطالب بطرد عرفات وحتى بتصفيته جسديًا.

ان الوضع غاية في الخطورة، وهذا يتطلب اولا وقبل كل شيء بفض الخلافات الداخلية الفلسطينية واقناع عباس بالعدول عن استقالته لتفويت الفرصة على مراهنات عربدة المجرمين المحتلين وعلى مخططاتهم السوداء. كما يستدعي هذا الوضع المخضّب بدماء تصعيد العدوان الاسرائيلي توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني تنقذه من بطش المحتلين وتشغيل مكابس الضغط الدولية لكبح جماح العدوان الاسرائيلي والزام حكومة الكوارث اليمينية بالجنوح الى طريق التسوية السياسية.

("الاتحاد")
الاحد 2003-09-07


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع