ألدورة الشتوية

بعد عطلة صيفية طويلة الامد، امتدت لاكثر من شهرين، بدأت اليوم الاثنين اعمال الدورة الشتوية للكنيست. ووفقا للعديد من الدلائل والمؤشرات فان الدورة الشتوية لن يكون طقسها باردا في الكنيست، بل من المنتظر ان تكون دورة حامية الوطيس من حيث درجات حرارة النقاش والصراع حول قضايا ملتهبة مطروحة على اجندة البرلمان الاسرائيلي. فحتى طابع افتتاح هذه الدورة في يومها الاول يعكس المدلول المأساوي لهوية نظام السمكة المتعفنة من رأسها. فخلافا للتقليد المعمول به مع افتتاح كل دورة كنيست فان الاحتمال الكبير، حتى كتابة هذه السطور، لن يُسمح لرئيس الدولة، موشيه كتساف، ان يلقي كلمة في الافتتاح الاحتفالي، وذلك بسبب اتهامه بالتورط في قضايا اخلاقية مع نساء كن يعملن معه خلال سنوات اشغاله لمناصب رسمية مختلفة. ففي قضايا الفساد والعفن الاخلاقي، هنالك اكثر من متهم ومسؤول ووزير في حكومة كديما- العمل. والاهم من ذلك ان على اجندة الكنيست في الدورة الشتوية مطروح العديد من القضايا الملتهبة، السياسية والاقتصادية- الاجتماعية. فمن هذه القضايا الازمة الخانقة التي تواجهها الحكومة، خاصة  بعد حرب لبنان الاخيرة التي كلفت المعتدي الاسرائيلي الخسائر الفادحة بالارواح والعتاد والاموال، اضافة الى الفشل في حسم المعركة عسكريا مع المقاومة اللبنانية وحزب الله.
وبسبب تعمق الازمة اصبح مصير حكومة اولمرت- بيرتس يتأرجح على كف عفريت، ويعتقد ايهود اولمرت ان ضم المأفون الفاشي العنصري افيغدور ليبرمان وكتلته "اسرائيل بيتنا" المكونة من احد عشر عضو كنيست يميني متطرف سيضمن الاستقرار لحكومته، ويساعد على تخطي الازمة!! وليبرمان يشترط لدخوله الائتلاف تغيير طريقة الحكم في اسرائيل وجعله حكما رئاسيا. ولدخول ليبرمان الائتلاف توجد معارضة داخل حزبي كديما والعمل، وستشغل هذه القضية حيزا من اهتمام ونقاشات وصراع مختلف القوى داخل احزاب الائتلاف الحكومي وخارجه، خاصة وان ما يطرحه ليبرمان يؤلف خطرا جديا على الدمقراطية ويهدد بنسف احتمالات السلام والتسوية مع الشعب العربي الفلسطيني ويدفع باتجاه مغامرات حربية وعدوانية في المنطقة.
وسيبرز على طاولة النقاش والصراع في هذه الدورة البرلمانية تحديد الموقف من الموازنة العامة للعام 2007 التي تعكس مدلول السياسة التي ستنتهجها الحكومة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال السنة القادمة. ومعطيات مشروع الميزانية الجديدة التي ستطرح للتصويت عليها في الكنيست خلال الايام المقبلة تعكس حقيقة انه لا يوجد في برنامج الحكومة للسنة المقبلة أي خطة لمعالجة جذرية وحل القضيتين المركزيتين، القضية الفلسطينية والصراع الاسرائيلي العربي، والقضايا الاجتماعية الملتهبة وخاصة الفقر والبطالة وقضية التمييز المنهجي القومي والعنصري السلطوي ضد الاقلية القومية العربية الفلسطينية من مواطني الدولة.
ففي الميزانية المقترحة ستواصل حكومة الكوارث تصعيد سياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، ولهذا يُقترح زيادة الميزانية العسكرية بمليارات الشواقل، وذلك مقابل تقليص ميزانيات الخدمات الاجتماعية والرفاه الاجتماعي، ما يعني انه في العام المقبل ستتسع اكثر فجوات التقاطب الاجتماعي بين الفقراء والاغنياء، ولا نستغرب اذا أُقرت الميزانية كما هي،  ومعها قانون التسويات الجائر، فسيزداد عدد الفقراء الذي يبلغ اليوم مليونًا وستمئة الف فقير الى ما يقارب المليوني فقير من العرب واليهود. كما ان نسبة البطالة سترتفع وسيزداد عدد المعطلين عن العمل.
ولهذا كما اكدنا في البداية سينتظرنا شتاء حار وملتهب جدا على ساحة الصراع مع سياسة حكومة اولمرت- بيرتس الكارثية.

الأثنين 16/10/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع