كلمة <<الاتحاد>>:
لا تعايش حقيقي دون مساواة!

لا شك بأنّ تقرير "لجنة أور" يكتسب أهمية خاصة من حيث المدلول السياسي. وتنبع هذه الاهمية الخاصة من حقيقة ان لجنة تحقيق رسمية حددت بشكل واضح معالم وخلفية طابع التعايش اليهودي – العربي القائم في البلاد، تعايش قائم على عدم التعايش بشكل طبيعي مع حقيقة وجود أقلية قومية لها حق بالمواطنة الكاملة وبالمساواة القومية والمدنية في هذا الوطن المشترك.
فالتقرير أكد بدهية مفروغًا منها ان دولة تقتل مواطنيها ويمارس نظامها بشكل منهجي متعمد سياسة العداء والتمييز ضد جزء من المواطنين لكونهم من "غير اليهود" – اقلية قومية عربية، دولة كهذه لا يمكن بناء جسور التعايش الحقيقي والطبيعي في رحابها، فنظام عنصري كالقائم في بلادنا لا يثقف الا على الكراهية بين الشعوب ولا يتبنى سوى سياسة "تعايش الذئب مع الحمل" التي لا يمكن ان تكون تعايشًا. ونحن نحمّل سياسة السلطة الرسمية التي مارستها جميع حكومات اسرائيل المتعاقبة والحالية المسؤولية الأساسية ليس فقط في مجال الوضع المأساوي، الحياتي والمعيشي، الذي تواجهه الجماهير العربية من جراء سياسة التمييز القومي والعنصري، وانما ايضًا المسؤولية عن زرع الفرقة بين اليهود والعرب وعدم تهيئة الخلفية المطلوبة لبناء جسور التعايش الاخوي بين شعبي هذه البلاد. فسياسة رسمية تثقف الاجيال الصاعدة في المدارس ووسائل الاعلام بأن العربي ليس اكثر من "مادة مشبوهة" ومعاد "ولا يُؤتمن جانبه فانها لا تزرع سوى بذور الكراهية والتباعد بين الشعبين.
لا يمكن ان يكون هناك تعايش طبيعي وحقيقي بدون مساواة في الحقوق. ونحن المواطنين العرب لا نطلب حسنة من حكومة وسياسة القهر القومي المنهجية، بل نطلب حقًا شرعيًا ونناضل من اجل حق شرعي تفرضه مواطنتنا، حقنا بالمساواة القومية والمدنية والاندماج في مختلف مرافق الحياة على أساس المساواة. وهذه ليست قضية المواطنين العرب لوحدهم، فإزالة الغبن التمييزي اللاحق بالجماهير العربية وضمان حقها بالمساواة التامة والمواطنة الكاملة هي قضية كل المواطنين ومن كلا الشعبين في هذا الوطن المشترك. فكلا الشعبين، اليهودي والعربي، سيعيش سوية الى الأبد في هذا الوطن المشترك، والحياة نفسها تفرض موضوعيًا بلورة سياسة طبيعية للتعايش الحقيقي وبشكل يخدم المصالح الحقيقية لحياة وتطور بين جميع المواطنين وبغض النظر عن هوية الانتماء القومي او الاثني او الطائفي. وحقيقة هي انه لا يمكن ان يكون النظام او المجتمع دمقراطيًا اذا كان رأس الهرم يمارس سياسة تمييزية عنصرية ضد جزء من المواطنين.
وتقرير لجنة اور، خاصة ما هو متعلق بالتمييز المنهجي ضد المواطنين العرب، يستدعي من جميع انصار التعايش على اساس المساواة بين الشعبين، من انصار الدمقراطية وأخوة الشعوب، من اليهود والعرب تصعيد المعركة والكفاح المشترك اليهودي – العربي ضد سياسة التمييز القومي السلطوية التي قادت الى مجزرة هبة اكتوبر والى حرق الكثير من جسور التعايش بين شعبي هذه البلاد.

("الاتحـــــاد")
الاربعاء 2003-09-03


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع