كان حديثه شفافا واضح المعالم
رسالة موقف صحيح مع انها جاءت متأخرة

يوجد مثل تتناقله الشعوب المختلفة بلغاتها القومية المختلفة يقول "افضل ولو متأخرا من لا شيء". تذكرنا هذا المثل ونحن نستمع الى الخطاب الوداعي الذي القاه الامين العام للامم المتحدة، كوفي عنان في افتتاح الدورة الـ 61 للجمعية العمومية للامم المتحدة، امس الاول الثلاثاء، بمناسبة انتهاء ولايته كأمين عام لهذه المنظمة الدولية. لم يتحدث الامين العام هذه المرة كفرا وبلغة دبلوماسية تطغى عليها الضبابية والتأتأة والغمغمة التي يمكن تفسير مدلولها عدة تفسيرات، بل كان حديثه شفافا واضح المعالم ويطرح الموقف الصحيح بشكل صريح جدا. لقد شغلت قضية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني والموقف من الحقوق الوطنية الفلسطينية حيزا مركزيا من خطابه. ففي توجهه لاعضاء الجمعية اكد كوفي عنان "ان النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني يمثل واحدا من اهم التحديات الامنية التي تواجه المجتمع الدولي. وان الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني يؤثر، اكثر من أي صراع آخر في العالم، على مناطق كبيرة في العالم، وان جهود الامم المتحدة لحل مشاكل اخرى في العالم تتعطل بسبب هذا الصراع... واسرائيل تعتقد انها تحاسب بمعايير لا تسري على الآخرين، الا ان العالم قد فوجئ بحجم القوة والعنف الذي تمارسه اسرائيل ضد الفلسطينيين! وعدم تنفيذ قرارات مجلس الامن التي تطالب بانهاء الاحتلال الاسرائيلي يشكل مسّا متواصلا بمكانة مجلس الامن الدولي، وان مجلس الامن طالما وقف عاجزا
عن انهاء الصراع في الشرق الاوسط سيجعل احترام الامم المتحدة في طريقه للافول وسيشكك بنزاهة المنظمة الدولية"!
ان اقوال عنان هذه بمثابة رسالة شهادة حق ينقلها للاسرة الدولية ولمن سيخلفه في تسلم مسؤولية الامين العام للامم المتحدة، رسالة مدلولها الادانة الصارخة للعدوانية الاسرائيلية ولدفيئتها الامريكية. فعنان اكد اولا حقيقة ان القضية الفلسطينية تؤلف القضية المركزية المحورية الاساسية بين قضايا الصراع الاسرائيلي – العربي، وانه بدون ايجاد الحل العادل لهذه القضية فلا يمكن ضمان الامن والاستقرار في الشرق الاوسط وحل المشاكل الاخرى المستعصية في هذه المنطقة. كما اكد ثانيا ان الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية مصدر المآسي والصراع، وان مواصلته وما يرتكبه المحتلون من جرائم ومجازر وشتى الممارسات الاخرى، ومن خلال الاستهتار بقرارات مجلس الامن الدولي وعدم الالتزام بتنفيذها يؤلف العقبة الاساسية في التوصل الى تسوية سلمية عادلة. كما يؤكد ثالثا، وبشكل ضمني ان اسرائيل العدوان ما كانت تطمئن الى انها تحاسب بمعايير لا تسري على الآخرين، لولا الدعم الامريكي المطلق والغطاء الامريكي بتجنيد حق الرفض (الفيتو) الامريكي، الحاضر دائما تحت الطلب الاسرائيلي لانقاذ اسرائيل من أي قرار في مجلس الامن الدولي، يدين ممارساتها الاجرامية وجرائم الحرب التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة منذ السبعة والستين، منع أي قرار في مجلس الامن يفرض أي نوع من العقوبات على اسرائيل لكبح جماح بلطجتها العدوانية العربيدة، ضد الشعب الفلسطيني والزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بخصوص الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية.
في لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاول بوش تقمّص دور رجل السلام وانه من اجل دولتين متجاورتين، اسرائيل وفلسطين. شعار يرفعه منذ عدة سنوات فيما ادارته تقوم في نفس الوقت بدعم حليفها الاستراتيجي اسرائيل الذي يرتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه الشرعية. ومهما ناورتَ يا بوش، فان حل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني لا يمكن انجازه الا اذا كان مبنيا على العدل وعلى انجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية، بانهاء الاحتلال الاسرائيلي القائم منذ السبعة والستين وتجسيد الحق الفلسطيني بالدولة والقدس والعودة، وهذا هو مدلول رسالة كوفي عنان والشعب الفلسطيني.

الخميس 21/9/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع