جنرال الغـفـلة والغراب والحجل!

يحكى أن غرابا أعجبته مشية جاره الحجل، فأحب أن يقلدها، الأمر الذي جعله يجلس صباح مساء على غصن الشجرة ليراقبه، وليتمرن على مشيته الجديدة.
وبعد اسابيع اعتقد الغراب أنه نجح في حفظ قوانين مشية الحجل، وقرر أن يمتحن نفسه، فنزل عن الشجرة، وبدأ بالمشي، فاكتشف أنه لم ينجح في المشي كالحجل، لكن المصيبة كانت مضاعفة، فبالاضافة الى عدم نجاحه بالمشي كالحجل، اكتشف أنه نسي مشيته الاصلية ايضا، ومن يومها، لا يستطيع الغراب المشي، فيقفز قفزا عندما يكون على الأرض.
هذا المثل ينطبق على وزير "أمننا" الفذ، جنرال الغفلة عمير بيرتس. الذي دخل الكنيست من باب القضايا الاجتماعية، ووعد الفقراء والمستضعفين بجنة عدن على الأرض، وملأ الدنيا صراخا عندما التزم برفع راتب الحد الأدنى الى ألف دولار، وجمع حوله كل "رموز" العدالة الاجتماعية في حزب العمل، من شيلي يحيموفيتش ويولي تمير وافيشاي برافرمان ويتسحاق هرتسوغ وأوفير بينس، ودفع بجنرالات الحزب، أمثال داني يتوم ومتان فيلنائي وآخرين، الى أماكن متراجعة في القائمة، جعلت منسوب حقدهم عليه عاليا، وبدأت الصحافة بالتهليل لـ"الشرقي نصير الفقراء والمساكين"، و"القائد العمالي السابق الذي أصبح مرشحا لقيادة الدولة" وما الى ذلك من أوصاف جعلته يصدّق.
وعندما بدأت المفاوضات الائتلافية، اتضح أن رئيس الحكومة ايهود اولمرت لن يتنازل عن وزارة المالية، التي تمناها بيرتس لنفسه، فقرر الأول أن يرضي الأخير بوزارة "الأمن"، واعتقد بيرتس أن باب رئاسة الحكومة قد فتح أمامه، وقفز على الفريسة مستذكرا تاريخ اسرائيل التي لم يكن فيها رئيس حكومة من خارج المؤسسة العسكرية.
وخاض بيرتس حربا، اعتقد في بدايتها أن الجيش تحت قيادته سوف يحقق انتصارا يجعل المواطنين في اسرائيلي يجوبون الشوارع بملايينهم، يهتفون: "بيرتس، بيرتس، ملك اسرائيل"، الا أن الحلم الجميل تحول الى حقيقة مؤلمة تحت وقع صمود المقاومة اللبنانية البطولي، وصراخ الجنود الاسرائيليين داخل الأراضي اللبنانية، وانهارت أحلامه كلها في فترة قصيرة جدا.
وها هو بيرتس اليوم، يحاول كما الغراب، في مثله مع الحجل، عندما لم ينجح في تقليد جنرالات اسرائيل، يعتقد أنه سينجح بالعودة الى أجندته الأولى، فقد طالب بيرتس أعضاء كتلته بالعودة الى القضايا التي "انتخبنا من أجلها في الانتخابات العامة الماضية"، معتقدا أن ذلك سيحميه من السقوط في حفرة الفشل التي حفرها لنفسه. ولكن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، ودعوتك هذه لأعضاء كتلة حزبك البرلمانية لن تقصر مسافة السقوط الموجع في الانتخابات البرلمانية المقبلة، يا جنرال الغفلة!


"الاتــــــــحــــــــــاد"

الأحد 3/9/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع