بشائر خير امريكية جنوبية

إذا استثنينا كوبا جزيرة الثورة والحرية والاشتراكية، فالى ما قبل سنوات قليلة جدا كانت تعتبر امريكا الجنوبية وانظمة بلدانها مزرعة احتياطية تخضع لهيمنة الاحتكارات الامريكية الشمالية وغيرها ومجمعا مدجنا في حظيرة التبعية لسياسة الامبريالية الامريكية الخارجية والعولمة. ومن البشائر التي تسرُّ قلوب جميع الاحرار وطلاب الحرية في العالم ان معالم وطابع الخارطة الجغرافية السياسية الامريكية الجنوبية بدأت تتغير بفعل الرياح الثورية التقدمية العاصفة التي هبت في العديد من بلدانها، في فنزويلا والبرازيل وتشيلي وبوليفيا وغيرها، والتي اوصلت الى سدة الحكم انظمة معادية لطابع العولمة الرأسمالية الامبريالية الامريكية الهمجي المفترس. واي تغير تقدمي في أي بلد يخدم في نهاية المطاف ايضا جميع المناضلين في كل بقاع العالم من اجل الحرية والاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي. وفي شرقنا الاوسط النازف دما بسكاكين العدوان الاسرائيلي – الامريكي ابتهجنا وتفاءلنا خيرا بالتحولات التقدمية الجذرية في فنزويلا واعتبرناها سندا تضامنيا مع كفاحنا العادل ضد طغيان العربدة العدوانية الاسرائيلية – الامريكية وجرائم احتلالاتهم ومؤامراتهم ضد مصالح شعوب وبلدان المنطقة. ولم يخب تقييمنا، فالنظام التقدمي الفنزويلي بقيادة الرئيس الوطني الثوري شافيز اتخذ موقفا من الحرب العدوانية الاسرائيلية الامريكية افضل من مواقف جميع انظمة الخمة العربية التي تواطأت مع المعتدين. فنظام شافيز سحب سفيره من اسرائيل وهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية معها تعبيرا عن الادانة لهذا العدوان والتضامن مع الشعب اللبناني والمقاومة اللبنانية ضحية هذا العدوان. ولم يقف الامر عند هذا الموقف الفنزويلي الشجاع المناصر للحق ضد الباطل، فقد تبعته مواقف امريكية جنوبية تبشر خيرا وتبعث على التفاؤل، فقبل حوالي اسبوعين اعلنت كوستاريكا نقل سفارتها من القدس الى تل ابيب، وامس اعلنت السلفادور نقل سفارتها من القدس الى تل ابيب ايضا. ونقل السفارة من القدس الى تل ابيب ينطوي على مدلولات سياسية غاية في الاهمية. فهذا النقل يعكس حقيقة عدم موافقة كوستاريكا والسلفادور على فرض سياسة الامر الواقع التي تنتهجها اسرائيل الرسمية في القدس الشرقية المحتلة وبهدف تهويدها وضمها تحت السيادة السياسية – الاقليمية الاسرائيلية كجزء عضوي من "القدس الموحدة". فالقدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، احدى ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية الرئيسية وغير القابلة للتصرف. وفي نظر القانون الدولي تعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة وجميع اجراءات التهويد والضم الاسرائيلية غير شرعية بالمرة. ونقل سفارتي كوستاريكا والسلفادور الى تل ابيب يعتبر بمثابة ضربة موجعة لسياسة ومخططات حكومة الاحتلال الاسرائيلي بتهويد وضم القدس الشرقية العربية الفلسطينية.
مقابل بشائر الخير هذه يبقى السؤال المركزي، ماذا وكيف يعمل ويتصرف اصحاب الدار الفلسطينية المغتصبة والمحتلة؟ الى متى تبقى الجرجرة والتأتأة في الموقف من قضية رص صفوف الوحدة الوطنية الكفاحية الفلسطينية واقامة حكومة الوحدة الوطنية المهورة ببرنامج سياسي متفق عليه يرتفع الى مستوى مواجهة متطلبات تحديات هذه المرحلة المصيرية ودفن مخططات تصفية الحقوق الوطنية التي يطرحها ويمارسها تحالف الشر الاسرائيلي – الامريكي!!

الأحد 27/8/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع