حزب العمل "يترقْوَص" في ارجوحة تناقضاته

آخر استطلاعات الرأي التي اُجريت في الآونة الاخيرة تشير معطياتها انه اذا جرت الانتخابات البرلمانية للكنيست اليوم فان حزب العمل سيواجه ضربة قاسية اذ سينخفض تمثيله الى خمسة عشر عضو برلمان واقل من ذلك. فهذا الحزب الذي دخل الانتخابات الاخيرة للكنيست منافسا لكاديما اولمرت الشارونية لتسلم زمام السلطة وطرح نفسه كبديل سلطوي باجندته الاجتماعية، هذا الحزب بقيادة عمير بيرتس "اثبت انه ابعد ما يكون عن كونه مؤهلا ليكون بديلا سلطويا، خاصة وانه تخلى عن الفوارق الهامشية، السياسية والاجتماعية، التي كانت تميزه عن احزاب اليمين الاسرائيلي، عن الليكود وكاديما. فمنذ ايام حكومة شارون يزحف هذا الحزب على بطنه للمشاركة في السلطة واحتضان كراس ٍ وزارية مقابل قيامه بدور المتعهد الثانوي في خدمة السياسة الكارثية العدوانية اليمينية سياسيا وعسكريا واقتصاديا - اجتماعيا. هكذا كان دور شمعون بيرس وبنيامين بن اليعزر في خدمة سياسة الجرائم الشارونية ضد شعب الانتفاضة الفلسطينية، وهذا هو دور عمير بيرتس ووزراء حزبه في خدمة سياسة جرائم الحرب والمجازر التي تنتهجها حكومة اولمرت – بيرتس – حالوتس ضد الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة والتي انتهجتها في الحرب الاجرامية العدوانية ضد لبنان والمقاومة اللبنانية وحزب الله. وبغياب ملامح هوية فكرية سياسية اجتماعية مميزة لهذا الحزب، تحولت الصراعات والتناحرات والتناقضات الى صراعات شخصية والى بلورة مراكز قوى ركضا وراء تحقيق مكاسب ومراكز شخصية انانية. فحزب العمل يترقوص اليوم مثل الكراكوز في ارجوحة تناقضاته الداخلية. اذ ينشط للاطاحة بعمير بيرتس عن رئاسة الحزب مجموعة "المتمردين" من جنرالات الحرب السابقين ورجال المخابرات السابقين الذين لم تحظ اقفيتهم بدفء الكراسي الوزارية، امثال ايهود براك ومتان فلنائي وعامي ايالون وغيرهم. فهؤلاء يتهمون عمير بيرتس بان بدلة وزارة الامن كبيرة عليه وليست من مقاسه، ولا حتى رئاسة الحزب، وانه يشارك في تحمل مسؤولية الفشل الذريع في الحرب الكارثية ضد المقاومة اللبنانية وحزب الله. ويستعد عدد من المرشحين لمنافسة عمير بيرتس على رئاسة الحزب، مثل ايهود براك وفلنائي وغيرهما.
وعمير بيرتس الذي ادعى في الانتخابات الاخيرة انه نصير العاملين والفقراء والمحتاجين باجندته الاجتماعية، فانه اليوم يسلط السكاكين على رقاب العاملين والفقراء والمحتاجين من خلال الميزانية العامة المطروحة، ميزانية الحرب والافقار. فالميزانية المطروحة تخصص ملياري شاقل لتغطية جزء من تكلفة الحرب التي كلفت الاقتصاد الاسرائيلي ستة مليارات شاقل وبلغت تكلفتها الاجمالية بما فيها العسكرية وما دمرته كاتيوشا المقاومة اللبنانية اكثر من ثلاثين مليار شاقل. كما تخصص الميزانية ستة مليارات شاقل ميزانية اضافية للميزانية العسكرية، ملياران هذا العام واربعة مليارات في العام القادم.
ولتغطية نفقات الحرب العدوانية ومواصلة زيادة الانفاق العسكري لتغذية سياسة العدوان والحروب سيجري تقليص ميزانيات الخدمات الشعبية والرفاه الاجتماعي وفرض ضرائب مرتقبة، الامر الذي سيؤدي الى ضرب مستوى معيشة العاملين وذوي الدخل المحدود. فتخبّط حزب العمل في مستنقع السياسة العدوانية وخدمة سياسة اليمين اعاد الى هذا الحزب المعسكرات والمحاور المتناحرة ووضع علامة سؤال حول مصير ومستقبل هذا الحزب.

الخميس 24/8/2006


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع